فلسفة الصلاة في خطبة الزهراء عليها السلام الجزء الأول
عبد المحسن مزهر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد المحسن مزهر

روى أنس بن مالك الجهني عن النبي(ص) قال: (إنه من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا), وروي عن ابن مسعود أيضاً عن النبي(ص) أنه قال: (لا صلاة لمن لم يطع الصلاة, وطاعة الصلاة أن ينتهي عن الفحشاء والمنكر).
وروي أن فتى من الأنصار كان يصلي الصلاة مع رسول الله(ص) ويرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول الله(ص) فقال: (إن صلاته تنهاه يوماً) وعن جابر قال: قيل لرسول الله(ص): إن فلاناً يصلي بالنهار ويسرق بالليل, فقال: (إن صلاته لتردعه). وروى أصحابنا عن أبي عبد الله(ع) قال: (من أحبَّ أن يعلم أقُبلت صلاتُه أم لم تقبل, فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء والمنكر، فبقدر ما منعته قبلت منه)(1).
وللإمام أمير المؤمنين(ص) كلمةٌ في فضل الصلاة، كان(ع) يوصي بها أصحابه, قال: (تعاهدوا أمرَ الصلاة, وحافظوا عليها, واستكثروا منها, وتقرّبوا بها, فإنها (كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) ألا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سُئلوا: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ)؟ (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)، وإنها لتحتّ الذنوب حتَّ الورق, وتطلقها إطلاق الرِّبق(2), وشبّهها رسول الله(ص) بالحمة(3) تكون على باب الرجل, فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرات, فما عسى أن يبقى عليه من الدرن؟ وقد عرف حقها رجالٌ من المؤمنين الذين لا تشغلهم عنها زينةُ متاع, ولا قرةُ عينٍ من ولدٍ ولا مال.
يقول اللهُ سبحانه: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ)، وكان رسول الله(ص) نصباً بالصلاة بعد التبشير له بالجنة لقول الله سبحانه: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)، فكان يأمر أهله، ويصبر عليها نفسه(4). وقد ورد في فضل الصلاة الكثير من الروايات، والتي إن دلَّت على شيء، فإنما تدلّ على عظم شأنها، ومكانتها بين الفروض والطاعات.
المصادر:
(1) مجمع البيان/ ج8 صـــــ368-369.
(2)الرِّبق(بكسر الراء): حبل فيه عدة عرى كل منها ربقة.
(3)الحِمة(بالفتح): كل عين ينبع منها الماء الحار، ويُستشفى بها من العلل.
(4)نهج البلاغة: تحقيق صبحي الصالح صــــــ346-117.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat