الكوثر الجزء الأول
عبد الحليم العبادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الحليم العبادي

الكوثر لغة: الكثير المتراكم، أو الملتف من كل شيء، السيد الكثير الخير والعطاء، نهر يقولون انه في الجنة، الشراب العذب. تكوثر الغبار: كثر وتراكم. (القاموس المنجد ص702).
وفي مجمع البحرين للطريحي: قوله تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) اختلف الناس في معنى الكوثر، فقيل نهر في الجنة، وقيل كثرة النسل والذرية، وقد ظهر ذلك في نسله من ولد فاطمة(ع)؛ إذ لا ينحصر عددهم، ويتصل بحمد الله إلى آخر الدهر عددهم، وقيل هو حوض النبي(ص) يكثر الناس عليه يوم القيامة، وقيل الكوثر من الرجال اليد الكثير الخير. (مجمع البحرين لفخر الدين 3/ 469).
وعلى كل الأحوال، فإن الكوثر هو صيغة مبالغة بمعنى الكثير على وزن فوعل. قال فخر الدين الرازي في تفسيره: (الكوثر فهو في اللغة فوعل، من الكثرة، وهو المفرط في الكثرة، قيل لإعرابية رجع ابنها من السفر: بم آب ابنك؟ قالت: آب بكوثر، أي بالعدد الكثير، ويقال للرجل كثير العطاء: كوثر.
قال: واختلف المفسرون فيه على وجوه والقول الثالث الكوثر: أولاده، قالوا: لأن هذه السورة إنما نزلت رداً على من عابه(ع) بعدم الأولاد، فالمعنى انه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان.
فانظر كم قتل من أهل البيت، ثم العالم ممتلئ منهم، ولم يبقَ من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به، ثم انظر كم كان في أهل البيت(ع) من الأكابر من العلماء: كالباقر، والصادق، والكاظم، والرضا(ع)، والنفس الزكية وأمثالهم) انتهى لفظه.
قال الشوكاني في كتابه(فتح القدير) روى نزولها في فاطمة وأهل بيتها(ع) قال: وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي أيوب قال: لما مات ابراهيم بن رسول الله(ص) مشى المشركون بعضهم إلى بعض، فقالوا: إن هذا الصابئي قد بتر الليلة، فأنزل الله تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر).
وأخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: كان أكبر ولد رسول الله(ص) القاسم، ثم زينب، ثم عبد الله، ثم أم كلثوم ثم فاطمة، ثم رقية، فمات القاسم وهو أول ميت من أهله، وولده بمكة ثم مات عبد الله..، فقال العاص بن وائل السهمي: قد انقطع نسله فهو أبتر، فانزل الله تعالى: (إن شانئك هو الأبتر).
قال العلامة الطباطبائي(قده) في تفسيره ما لفظه قوله تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)، قال في المجمع: الكوثر فوعل، وهو الشيء الذي من شأنه الكثرة، والكوثر الخير الكثير.
ونقل أقوال المفسرين فيها ثم قال: وباقي الأقوال لا تخلو من تحكم، وكيفما كان فقوله في آخر السورة: (إن شانئك هو الأبتر)، وظاهر الأبتر المنقطع نسله، وظاهر الجملة إنها من قبيل قصر القلب، إن كثرة ذريته(ص) هي المرادة وحدها بالكوثر الذي أعطيه(ص)، أو المراد بها الخير الكثير، وكثرة الذرية مرادة في ضمن الخير الكثير، ولولا ذلك لكان تحقيق الكلام بقوله: (إن شانئك هو الأبتر) خالياً من الفائدة.
وقد استفاضت الروايات أن السورة إنما نزلت في من عابه(ص) بالبتر بعدما مات ابناه القاسم وعبد الله، وبذلك يندفع ما قيل: إن مراد الشانئ بقوله(ابتر) المنقطع عن قومه، أو المنقطع عن الخير، فرّد الله عليه بأنه هو المنقطع من كل خير.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat