ولقد كرّمْنا بني آدم
عبد الحليم العبادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الحليم العبادي

تحتل كرامة الإنسان بما هو انسان في الإسلام مكانة مرموقة وتحظى باحترام كبير, لأنه أشرف المخلوقات, قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) سورة الاسراء: 70، فان هذه الآية تدلّ على أن الإنسان مكرم ومفضل على سائر المخلوقات الاخرى, وانما البحث في وجوه التكريم ومميزات تفضيل الإنسان على غيره.. ومن أهم وجوه التكريم انه تعالى خلق الانسان ومنحه صفات عديدة، وركبه من الروح والجسد, ونفخ فيه من روحه تعالى, فصارت نفسه من أشرف النفوس في العالم السفلي، وامتاز على سواه من الخلوقات بالعقل والوعي والتفكير والاختيار, فان بإمكانه ادراك الحقائق كما هي, وكرمه بالنطق وتدبير المعاش والمعاد، وسخر له سائر الموجودات.
ولقد اشار الله تبارك وتعالى في آيات عديدة من القرآن الكريم الى أن أفضل شيء في الانسان انه يدرك الأشياء، ويفرق بين الحسن والقبيح، ولكنه قد يعطل هذا الادراك فيكون أشر من الدواب وأضلّ سبيلا.
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) سورة الفرقان: 44، وقد يستعمله ويهتدي بنور العقل والتفكير ويتجلى بور المعرفة ويصل الى غاية الكمال والسعادة.
ويشترك في ذلك جميع أفراد الإنسان، وإن ذهب بعض المفسرين الى اختصاص معنى التكريم في الآية السابقة وهو التفضيل بالمسلمين إلا أنه سبحانه وتعالى عممه في الآية مع وجود الكفار, تغليباً لوجود من يتصف بذلك من المسلمين.
إلا أنه لاخلاف ظاهر الاية, إذا لا اختصاص لما في قوله تعالى: (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) بصنف خاص من الإنسان, وهو ايضاً خلاف ظاهر قوله تعالى: (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) يوسف: 93.
ومن وجوه التكريم أيضاً خلق الإنسان على أحسن هيئة كما هو صريح قوله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) التين: 4، وهو الاعتدال والاستواء في الخلقة, بينما خلق غيره منكباً على وجهه، وليس فيه ما للانسان من مزايا. انظر الى مجمع البحرين/3.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat