الكبيسي . . وخطوة نحو تجديد الخطاب الاسلامي
ماجد عبد الحميد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يعتقد كثير من الناس ان ما حدث في العراق في العقد الماضي وما يحدث الان هو نوع من الاحتراب الطائفي او الصراع المذهبي ، والذي يدقق ويمعن النظر في خلفية وأسباب النزاع يرى: ان الصراع كان ثارا عصبيا قبليا ومناطقيا اكثر من كونه طائفيا او مذهبيا ، وأول تمثل حقيقي له عرف ايام معاوية على الرغم من انه لم يمت طيلة المدة السابقة ، بوصفه ( ثقافة ثار جاهلي قبلي ) ، واستمر الى يومنا هذا ، عندما نافست وشاركت العصبية القبلية تعاليم الدين الحنيف وتغلبت عليه في عهد بني امية حيث ثقافة الثاروالغدر والغلبة والاستبداد والاقتتال القبلي ، فضلا عن ايثار القربى من الفاسدين والمفسدين بحجة ( الاقرباء اولى بالمعروف ) .
وأصبح اغلب المسلمين مناصرين لمذاهبهم الدينية على وفق المفهوم العرقي و القبلي ، بعدما اطلت الروح الجاهلية برأسها من جديد ايام معاوية ، فلم يكن الصراع على اساس الخلاف الفقهي او العقائدي ، لان معاوية لم يؤمن يوما ان هذا الدين نزل من السماء ، ولم تفارقه رؤية : ان هذا الاسلام عبارة عن ملك لبني هاشم وسيادة على قريش وليس دينا سماويا ، مؤكدا مقولة احدهم لأبي طالب : ( لقد اصبح ملك ابن اخيك عظيما ) ، انه حكم بني هاشم واستمرار للسيطرة على الكعبة ، وظلت ذاكرته محتفظة بهذا المفهوم طيلة حياته ، لذلك جعل الحكم من بعده لابنه الطاغية يزيد ، وهذا ما المح اليه الدكتور الكبيسي بقوله : ( كلنا نعرف ان المسلمين بعد الخلفاء الراشدين يعانون بدءا من سيدنا علي - لا والله من بعد موت النبي ( ص) - الى هذا اليوم والمسلمون يعانون معاناة من اجل واحد ،.. معاوية الذي وقف ضد علي في حقه وأمر بلعن علي على المنبر حوالي 120 سنة وبإجماع المسلمين ان الذي يسب ال البيت كافر، وهذا الرجل استطاع ان يسلب الحق من علي واله ، و الى هذا اليوم نحن نعاني بهذا السبب )..
وهناك ادلة كثيرة على تحول المذهبية والاختلاف الفقهي الى نوع من العصبية القبلية ، فكما يؤمن القبلي بمقولة : ( انصر اخاك ظالما او مظلوما ) يؤمن المسلم بأفراد طائفته ويناصرهم ظالمين او مظلومين ، فضاعت قيم العدل والمساواة والحق وغيرها ، بدافع عمى الولاء الى الرموز والاشخاص ، ومن هنا نشا التطرف ، ففي الصراع القبلي لا يمكن ان تتخذ جانبا محايدا لانه صراع وجودي ، تكون او لا تكون ، فغابت الوسطية من مفاهيم الاسلام ، ليصبح الولاء للقبيلة المتمظهرة بشكل الاسلام ..
والإسلام الذي يؤمن به اغلب المسلمين اليوم هو اسلام هجين متأثر بتلك النزعات والاعراف الجاهلية وثقافة الصحراء ، وهذا هو الدين الاعرابي الاموي ( الذي تؤمن به اغلبية الطوائف ) ، وهناك قلة من المسلمين وفي جميع الطوائف من يؤمن بالإسلام الانساني الحقيقي .
فالولاء للاشخاص ولا سيما الطغاة يدفع بالمسلمين الى الابتعاد عن دين الوسطية ، ففي الوسطية يوجد جانب لقبول الاخر وهناك نسبية في امتلاك الحقيقة ، فضلا عن امتلاك الحرية في التعبير والقدرة على التفاوض في تقرير الحق والباطل ، والعدل والظلم ، وهذا ما يميز الاسلام عن غيره من الاديان السماوية والوثنية وعن القوانين الوضعية.. وقد اكد الشيخ الكبيسي بصورة غير مباشرة عندما كرر : ان جميع مشاكل المسلمين ترجع الى الايمان بشخص واحد ( القائد الضرورة ، المفكر العظيم ، الامام الجليل ، الاوحد ، الاعظم ، شيخ القبيلة ، الزعيم ، امام الائمة .. وهكذا مع بقية المسميات ).
اذن هي دعوة للشك في نوايا الرموز الذين ربما يجانبون الصواب فيضللوا اتباعهم ، فتتقاتل الامة وتتحارب وتهدر طاقاتها بسبب عبادتها للشخصية وطاعتها لها، طاعة عمياء ، انها دعوة الى التأمل والبحث عن الحقيقة ، فتحديد الانسان لموقفه يعني بالنتيجة الى بيان امره ،هل هو مع الحق ام مع الباطل ؟ هل هو مع الظلم ام مع العدل ؟ مع اغلبية الامة ام مع شذاذها وخوارجها ؟.
لقد اجمعت الامة على علي (ع) وبايعته ، فلماذا خرج معاوية على امام زمانه ؟ ولماذا يعاد انتاج خطاب الطاغية الاموي باشكال مختلفة وهو مع الباطل ؟ هل لمصلحة الامة ام لمصلحة اعدائها ؟ لماذا لا نعيد انتاج شخصية الامام علي (ع) ؟ ليكون منارا بفكره وعلمه وحكمه وعدله وقد اجمعت الامة عليه من قبل ، هل نحن بحاجة الى شخصيات مثل اسماعيل الصفوي و محمد بن عبد الوهاب للتعريف بهذا الدين ؟
القران الكريم وسيرة الرسول (ص) وهدي الائمة خير ذخر للامة ، اما الاختلافات الفقهية فهي الميدان الذي تتبارى فيه قرائح الرجال وعقولهم.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
ماجد عبد الحميد الكعبي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat