اضراب الخواجة مات في ضمائر الوحوش و بقى حيا في ضمير شعبه الذي أحبه
محمد علي البحراني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لم يكن غريبا على الاستاذ عبدالهادي الخواجة ان يمضي 57 يوما في اضرابه عن الطعام ويكتب رسالته الاخيرة لاهله مودعا أياهم لأنه يتوقع معانقة الموت عما قريب . كل من عرف الخواجة عرف فيه جرأته و صلابته في قول الحقيقة ولو كلفته غاليا فهو اول من اعلن انتقاده لرئيس وزراء البحرين الذي يعتبر اقدم رئيس وزراء في العالم بشكل علني غير آبه آنذاك بالكثير من النصائح التي كانت تصله عبر مقربين عن التوقف عن ذلك . شق الخواجة طريقه وسط الصعاب عندما اختار تأسيس مركز البحرين لحقوق الانسان ثم لتقوم السلطة بحله بعد حين . كان الخواجة قد اختار آنذاك ان يقف مع الناس و يخفف عنهم بعضا من جراحاتهم التي سببتها آلة القمع التي لا تعرف الرحمة ، هذه الآلة التي اختارت له ان يظل مشردا في المهاجر سنين طوال .
الخواجة يعد من آباء حقوق الانسان في البحرين يعتبر الخواجة من المؤسسين لمدرسة السلمية الغير الاستسلامية وكان كثيرا ما يشبه بغاندي البحرين وتحت يديه تخرجت أجيال تعلمت الآباء و رفض الظلم و فضح كل ما تقوم به السلطات من ظلم بحق الناس وهذا شئ بلا شك انه جعل هذه السلطات تكن عداءا شديدا لهذا الرجل الذي كان من أوائل المعترضين على سياسيات الظلم التي تمارسها فلا أحد يعتقد ان هذه السلطات تكن غير هذه المشاعر لهكذا رجل و بهذا الوزن .
العداء الكامن للخواجة والثأر من الخواجة كان بارزا في ما تناوله تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الملك حيث تروي انتهاكات فظيعة بحق الخواجة و لنستعرض بعضا من الفقرات الواردة في التقرير لنشهد فظاعة ما تعرض له الخواجة من اهانات كلها تصب في خانة التشفي ، يقول التقرير : " وفي سجن القرين، قضى الموقوف شهرين في الحبس الانفرادي في زنزانة صغيرة مساحتها 2.5*2 متر تقريبا، ولم يكن يعرف مكان وجوده أو يومه، ولم يكن هناك أي هواء نقي. كان يعصب العينين كلما ذهب إلى دورة المياه.
وبعد ثمانية أيام من الجراحة التي أجريت له، كان يُضرب بانتظام أثناء الليل. وكان الحراس الملثمون يسبونه ويضربونه على رأسه ويديه، مما تسبب في تورم جسده. كما أدخلوا عصا بالقوة في شرجه. كما تعرض للضرب على باطن قدميه (بالفلقة)، وعلى أصابع قدميه " .
الخواجة الآن و بعد ان دخل مرحلة الخطر الحقيقي فان حياته باتت مهددة ويتوقع ان الأيام القليلة المقبلة ستحمل اعلانا بوفاته اثر اضرابه عن الطعام ، النظام في البحرين وجد في اضراب الخواجة فرصة سانحة للتخلص من رجل تعتبره عدوا لدودا لها وهو يتعنت في قبول كل الحلول التي من الممكن ان تساهم في ايقاف اضراب الخواجة ذلك ان النظام الذي تعود على قتل الناس دون رحمة في الشارع لن يتورع عن قتلهم في السجون .
يثبت النظام البحريني بتعامله مع الخواجة انه من أكثر أنظمة الأرض قسوة تجاه معارضيها و يعطي انطباعا غير قابل للجدال بأنه نظام متعطش للقتل لدرجة فاق فيها الكثير من الأنظمة القمعية في المنطقة ، فلو قارننا تعامل الكيان الاسرائيلي مع من قاموا بالاضراب عن الطعام لوجدناه ملاكا مقابل النظام البحريني فالكيان الاسرائيلي اطلق سراح الاسيرة هناء الشلبي بعد 44 يوما من اضرابها عن الطعام وهذا النظام يترقب بلهفة اعلان خبر موت احد مواطني هذا البلد ذنبه الوحيد أنه قام بمناهضة هذا النظام بشكل سلمي .
ليس من المعلوم الى أي مدى سيسبب فقدان الخواجة لا سمح الله من نقمة شعبية عارمة لن تمحيها الأيام فالشهيد الرمز له وقع أكبر لدى الجماهير من أي شهيد آخر وتجارب التاريخ تثبت ما لهذا الشهيد من دور كبير في ايقاد الثورات .
سيمثل فقدان الخواجة وصمة عار في جبين الحليف الاستراتيجي للبحرين الولايات المتحدة الامريكية لأنها هي من وصفت هذا النظام بأنه " صديق مقرب " و " حليف استراتيجي " والناس كلها باتت مقتنعة ان كل ما جرى عليها و سيجري على الخواجة انما هو بضوء " اخضر " امريكي انتقاما من صمود هذا الشعب و اصراره على مطالبه العادلة .
ختاما لغاندي البحرين استاذنا الخواجة بأنك فعلا أبدعت في تعليم الناس معنى الصمود و الثبات على مطالبها لنيل الحرية بالفعل لقد انشأت مدرسة في الصمود تستحق أن تدرس للأجيال المتتابعة . سيستلهم منك ابناؤنا كل معاني الصمود والشجاعة و الآباء و سيزداد يقينهم بظلامتك ودناءة من تعمد قتلك أو من تواطئ على قتلك سيتعلم ابناؤنا ان لا ينخدعوا بشعارات المتمصلحين على دمائنا و المتشدقين برفع شعارات الديمقراطية الزائفة .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
محمد علي البحراني

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat