أين قبر الزهراء (ع)؟
الشيخ عبد الحليم العبادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ عبد الحليم العبادي

لأجل الزيارة والتبرك، والتشفع والدعاء، عند القبر الشريف والمدفن المقدس لبضعة النبي (ص) نبحث عن القبر؛ لكن البحث عن القبر والزيارة يثير تساؤلات وتساؤلات، لماذا أوصت الزهراء (ع) أن تدفن ليلاً؟ وأن تخفى معالم القبر فلا يعرف مكانه، ويبقى لغزاً محيراً مدى العصور؟
لماذا أخفيت معالم القبر؟ فالجواب: حتى يبقى مكانه مجهولاً، لكي لا يصلي عليها الذين أبت نفسها العظيمة أن تسامحهم، فأصدرت حكمها عليهم بهذا الحرمان الكبير، ليبقى أيضاً سؤال كبير يفرض نفسه، ويلح في ذاكرتنا كل حين.
ولكي تبقى مظلومية الزهراء (ع) علماً، ومواقفها مشعلاً، وكلامها حجة، تشد الأمة الى تاريخها النضالي للحفاظ على العقيدة والتضحية في سبيلها، ولرسم الطريق الصحيح، ولتكون الزهراء كلها، بكل حياتها ومواقفها وتفاصيلها، مشعلاً للحرية وعصمة من الضلال.
تموت الزهراء ولا تموت روحها، ترحل عن المسجد تاركة الخليفة والمسلمين رجالاً ونساء، ولا ترحل آثارها ووقع خطواتها وهي تمشي مشية رسول الله (ص)، فهي في عيوننا، وفي آذاننا اليوم وفي كل يوم محطة نقف عندها وجذوة نقتبس منها، ومعين لا ينضب، نغترف منه على الدوام، وهتاف نسمعه في اليقظة والمنام، يقول: ارقبوا محمداً في ولده... اذكركم الله في أهل بيتي.. فاطمة بضعة مني.. يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك... أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم.. علي مني وأنا من علي.. حسين مني وأنا من حسين.. علي أمير المؤمنين (ع) نفذ وصية الزوجة العظيمة، فأخرج أربع جنائز في الليل البهيم الذي خيم على مدينة رسول الله (ص)، وألقى بكلكله على أهل بيت النبوة (ع) وأصحابهم المخلصين، فنامت المدينة في سكون قاتل، ولم تنم أعين المحبين، وعادت المدينة تذكرنا بموت رسول الله (ص) وقول الزهراء (ع):
لو ترى المنبر الذي كنت تعلوه * علاه الظلام بعد الضياء
والغاية من إخراج جنائز أربع في الليلة نفسها، هو لإخفاء جهة الدفن، وتضييع مكانه، والدفن ليلاً هو حتى لا يشارك في حمل جنازتها والصلاة عليها أحد من الذين غضبت عليهم، ولم ترغب في حضورهم جنازتها، وذلك كله لتعميق موقف أرادته الزهراء (ع)، وتثبيت حكم أيدته السماء وأراده الله ورسوله، فهي التي يغضب لغضبها رسول الله، ويغضب الله لغضب رسوله وابنته الطاهرة الزكية.
وعندما نستقرئ التاريخ نجد ثلاث روايات عن موضع قبر الزهراء (ع)، منها: إن قبر الزهراء (ع) يقع في الحجرة الشريفة، وهي منزل أمير المؤمنين (ع) بجوار حجرة أخيه محمد رسول الله (ص)، تلك الحجرة المشرفة التي كرم الله أهلها، بأن بقي بابها مفتوحاً إلى المسجد، بعد أن أمر النبي (ص) أصحابه بسد جميع أبوابهم المؤدية إلى المسجد، ما عدا باب بيت علي وفاطمة (ع)؛ لأنهما من اهل آية التطهير، ونفس النبي ومنه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat