الاستغاثة الجزء الأول
الشيخ عبد الحليم العبادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ عبد الحليم العبادي

عرف اللغويون الاستغاثة بأنها طلب الغوث، أي النصرة، يُقال: استغاث به فأغاثه، أي أعانه ونصره، ومنها قوله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) الأنفال: 9.
والاستغاثة تارة تكون بالله تعالى، وأخرى بغيره، ولكلّ من هذين القسمين أحكام تتضح في صور:
1-الاستغاثة بالله تعالى: إن المصداق الأبرز للاستغاثة المشروعة والمندوبة هو الاستغاثة بالله تعالى تأسياً بالنبي (ص) في يوم معركة بدر الكبرى، حيث روي أنه استغاث بالله (عزّ وجل) بقوله: اللهم أنجز لي ما وعدتني؟ اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض، فأنزل قوله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ).
والاستجابة هنا متعلقة بجميع الأمور المادية والمعنوية وغيرها مما يدخل في المباح، ولذا ورد عن الإمام علي بن الحسين (ع) هذه الإستغاثة في نصوص الصحيفة السجادية: (اللهم يا من برحمته يستغيثُ المذنبون، ويا من إلى ذكر إحسانه يفزعُ المضطرون، ويا من لخيفته ينحبُ الخاطئون، يا أنس كل مستوحش غريب، يا فرج كلّ مكروب كئيب..) الصحيفة السجادية.
2- الاستغاثة بغير الله تعالى: الأصل جواز الاستغاثة بغير الله تعالى في قضاء الحوائج، ورفع الشدائد ما لم تستلزم محرماً كاعتقاد استغلال المغيث في التأخير دون الله تعالى. (الغدير/ للأميني).
والاستعانة بغير الله تعالى لا تنافي التوكل عليه تعالى، كالاستغاثة بالنبي وآله (صلوات الله عليهم أجمعين).
أ-الاستغاثة بالنبي (ص) وآله (ع): قسم الفقهاء الاستغاثة بالنبي (ص) إلى أقسام، وذكروا لها أحكاماً نذكر منها:
1-الاستغاثة بالنبي (ص) حال حياته (ص) على طريقة العون والنجدة، وهذا لا خلاف في عدم حرمته، بل واستحبابه، لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى...) راجع مجموعة فتاوى ابن تيمية 2/103.
2-الاستغاثة بالنبي (ص) بعد وفاته: بمعنى أنه يُستغاث بالله تعالى، ويُجعل النبي (ص) وسيلة لقبول الاستغاثة، وهذه الاستغاثة صحيحة وجائزة بلا ريب ولا إشكال، والدليل على ذلك ما ورد عن النبي (ص) من جميع الفرق والمذاهب الإسلامية بخصوص أدعية النبي (ص)، فقد نقل في دعائه لفاطمة بنت أسد – أمّ الإمام علي (ع) – أنه قال : (إغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الرحمين) مجمع الزوائد 9/257.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat