إن انتصار الفضيلة على الرذيلة في نهاية المسرحيات لا يؤمن النزعة الأخلاقية مع بطل المسرحية بحيث تطبع في نفسه المعنى الأخلاقي الذي تسوقه المسرحية، فضلاً عن التطابق الوجداني التلقائي للطفل مع البطل بتقمصه شخصية البطل وتطابقه معه، وتخيله أنه يتقاسم معه الكفاح ضد الشرير المغتصب، ويشاركه معاناته في أثناء كفاحه باجتياز العقبات والصعوبات التي يواجهها حتى ينتصر الخير على الشر في النهاية.
وتجاوز النقيضين في أخلاقيات أبطال المسرحية، يسمح للطفل أن يدرك بسهولة الفروق بين أنماط سلوك الشخصيات، وهذا الأمر لا يستطيع أن يدركه في الحياة الواقعية التي تبدو شخصيات أبطالها أكثر تعقيداً؛ ولكي يدرك الصغير هنا التناقض على مسرح الحياة، عليه أن ينتظر طويلاً لإرساء دعائم شخصيته، وعلى أساس اختلاف الأشخاص بعضهم عن بعض، وعليه أن يقرر بنفسه ويحدد اختياره للشخصية التي يرغب في تكوينها على مسرح الحياة.
يعد المسرح أحد الوسائط الفاعلة في تنمية الأطفال عقلياً وعاطفياً وجمالياً ولغوياً وثقافياً، وهو أحد أدوات تشكيل ثقافة الطفل، فهو ينقل للأطفال، بلغة محببة – نثراً أم شعراً - وبتمثيل بارع، وإلقاء للأفكار والمفاهيم والقيم ضمن أطر فنية مدروسة، حيث يقوم المسرح بنشر الثقافة التي تحمي المجتمع من محاولات العبث به، وتوعية الجمهور بما لهم وما عليهم، أي أن المسرح يستطيع أن يقوم بدور مهم في معركة التثقيف والتوعية، حتى نحقق لأنفسنا الأمن والأمان.
في التمثيل المسرحي ترويح عن النفس وانتزاعها من الملل والرتابة والاستمتاع بوقت الفراغ، وهو يكسب الأطفال الذين يقومون به الثقة بالنفس، والقدرة على الاندماج في مجالات الحياة المختلفة، ويبعث فيهم روح النشاط، ويعودهم على المشاركة والعمل الجماعي والتعاون، فضلاً عما يحفظه من التدريب على التعبير السليم، وإجادة الحوار، وتنمية الثروة اللغوية، وتحسين النطق عند الأطفال، وتعوديهم الجرأة الأدبية وفن الإلقاء، وتربية الإحساس بالذوق والجمال..
هناك من يرى أن للمسرح دوراً تربوياً حيث يساعد على التقارب بين المؤدي والمستمتع، ويساعد على اكتساب المعلومات وترسيخها في الذهن، ويمكن للمرء أن يدرك تلك الميزة التي يتمتع بها المسرح، وهي ميزة التقارب مع الجمهور، فضلاً عن إمكانية حدوث تفاعل مباشر بينهما.
يشبع المسرح حب المغامرة لدى الأطفال، فمن العبث تجاهل شغفهم وحبهم للمغامرات في طفولتهم عامة، وطفولتهم المتوسطة والمتأخرة خاصة (من الثامنة إلى الثانية عشر تقريباً)، فهذه السمة جزء لا ينفصل من كيانهم النفسي.
يعد المسرح وسيلة لتهذيب النفوس أو تربية الوجدان أو تنمية الاتجاهات الاجتماعية، والقيم وكسب المهارة ومنزلة التمثيل كمنزلة سائر الفنون الجميلة الأخرى، فهو دراسة وتربية وفن.. ولا ننسى دور المسرح في تنمية الجانب اللفظي، إذ يكتسب الطفل من خلال حضوره، ومشاهدته للمسرح عدداً كبيراً من المفردات من خلال الاتصال مع الآخرين، وتقليد الأصوات والمفردات التي يسمعها في الحوار المسرحي.
وخلاصة القول: تلك أهم خصائص وسمات مسرح الأطفال، وما يقدمه لهم من فوائد، وهذا ما جعل المنظرين والدارسين والتربويين، يعطون هذا الفن ما يستحق من رعاية وتشجيع، ويولونه عناية خاصة وأهمية عظيمة؛ لأنه يساهم إلى درجة كبيرة في تكوين شخصيات الأطفال، وفي رسم الطريق لمستقبلهم، والذي يرسم بدوره طريق مستقبل الأمم والشعوب والمجتمعات.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat