إن من أوليات المظاهر الحديثة في وقتنا الحاضر هي التعرف على كل شيء تكون على علم في أخذه وتحمله وعدم تعلمه والأخذ به، وهذه الظاهر كثيرة رغم الحداثة والتطورات، فهناك أمور كثيرة لا تخفي على المثقف والمتتبع مع تطورات الزمن, ولكن للذي بقي متقوقعاً في صومعة أو مسجد وبيت، لا يمكن أن يفهم أو يتماشى مع مجريات الحداثة والتطور بكل أشكالها مرضية أو غير مرضية, شرعية أو غير شرعية, بالعكس يمكن أن يكون له ميول غير شرعية أكثر من الشرعية، فينزلق في هاوية الشيطان وحبائله، فلم تجدي له نفع تلك القوقعة والعزلة عن الناس أو التطور والحداثة.
ومن جملة الأمور التي لم يكن لنا فيها تصور، وإن دخلت ضمن التطور الحديث، مسألة التظاهرات: وهي عبارة عن تجمع الناس، وإعلاء اصواتهم بالمطالبة من المسؤول أو الدولة بكل رجالاتها.
وهذا نفهمه في السابق في بدايات القرن الماضي وحتى نهايته، كانت التظاهرات هي القتل والنهب والسلب، وإضاعة حقوق المستحقين، واستغلال الانتهازيين لهذه الجهود لصالحهم، وبالتالي يكون هو الأول والأخير في هذه التظاهرات الشعبية العارمة.
أما اليوم فللتظاهرات وجه آخر, وعناوين أُخَر ومسميات متعددة، يلزم على المواطن أن يعرفها، ويعرف ضوابطها وأصولها؛ كي لا يضيع له حق ولا يكون مغبوناً.
التظاهر في اللغة: إن التظاهر هو اقران الظهور: أن يتظاهروا عليه إذا جاء اثنان وأنت واحد غلباك. (تاج العروس: ج12/ ص487).
وقيل: تظاهروا عليه (تعاونوا) ضد.... وأيضاً: تظاهروا: تعاونوا: ولى كل واحد منهم ظهره للآخر... وتظاهر القوم اذا تدابروا, فكأنه من الأضداد. وظهر ( به وعليه). وظهرت على الرجل غلبته، وقوله تعالى: (فاصبحوا ظاهرين) أي: غالبين، عالين، من قولك: ظهرت على فلان : أي علوته وغلبته. وهذا يعطي بياناً واضحاً على أن التظاهرة والمظاهرة هي إعلاء الناس على حكامهم, بل غلبت الناس عليهم وتعاونهم على اعطاء ظهورهم لهم، وهذه ظاهرة غير ممدوحة أن يعطي أحدهم ظهره للآخر. بهذا المفهوم نعرف ما هي وجهة التظاهرة أو المظاهرة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat