صفحة الكاتب : حيدر السلامي

الكرسي القلاب
حيدر السلامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  ركبتُ من مرآب الأحياء أحد الباصات الصغيرة المعروفة محلياً بـ(الكية)، وجلست على كرسيها القلاب اسما ومسمى، فهو يقلّبك ذاتَ اليمين وذات الشمال مع كل انعطافة أو (لوفة)، ويحرّكك إلى الأمام تارة وإلى الوراء أخرى، مع كل مطب أو (طسة)، وما أكثر (اللوفات والطسات) في بلادنا هذه الأيام، نظراً للأعمال والمشاريع الخدمية التي قامت على ساق، ولم تضع على الأرض قدماً راسخة بعد.. 

على العموم، جلست مع الجالسين، وما إن جلست حتى جمع ثمن الكراء أو (الكروة)، وما إن جمعت حتى بدأت النقاشات العراقية المعهودة، المذمومة المحمودة.. وبلا مقدمات حميت وازدادت حمّاها أو (حماوتها) فلم تبقِ لمسؤول حكومي أو برلماني أو سياسي قلّ أو كثر جسمه أو اسمه، كبر أو صغر دوره في صنع القرارات السياسية وصياغة القوانين الحكومية.. 
نعم لم تبق للمسؤول حيلة أو عذراً، ولم تذر له ذريعة أو حجة يدفع بها التهمة عن نفسه، وعمن انتخبه وأوصله إلى منصبه المضطرب أو كرسيه القلاب، كالذي جلست عليه في الكية.
ولا يخفى السر أن معظم ما تفضل به الراكبون أو (العبرية) وأبدوه من آراء ووجهات نظر هو صحيح بنسبة كبيرة، ولكن ما لفت نظري غير ذلك..
ما لفت نظري أن الركاب جميعا كانوا يتكلمون بصدق غاضب، وعصبية تكاد تحرق المقابل.. وكل منهم كان في الغالب متأثراً برأي أو أسلوب محلل سياسي ممن تكثر الفضائيات استضافتهم لكاريزميتهم، فهو (أي المواطن) ينتصر لآرائه ويرددها ببغاويا ومن دون أدنى تأمل.. 
هنا تذكرت بعض اللقاءات الإعلامية السريعة التي كنت إلى زمن غير بعيد أجريها مع المواطنين.. تذكرت كم كنت أعاني حتى أجد من الناس من يتحدث بجرأة وحرقة كهذه، تعبر عن الحرص والشعور بالمسؤولية الوطنية والشرعية، ولما أصل إلى غايتي وألفي من يقتنع بالحديث للمايكروفون، يسألني ماذا تريد أن أقول؟ وعندما أجيبه قل ما شئت، يستغرب (لأن بعض الإعلاميين يلقنون المواطن أقوالهم تلقيناً)، ثم يتحدث فإذا به يتلعثم ولا يدري ما يقول وأحياناً لا يعي ما يقول.. 
فأين شجاعته وحماسته الفائقة التي يبديها في الكية؟ أين خطاباته الرنانة في المقهى الشعبي؟ لماذا يعيش المواطن العراقي هذه الثنائية ولا أقول الازدواجية؟! 
لماذا يتحدث بصراحة وجرأة بين الناس، بينما ينسى حروف اللغة العربية بل اللهجة المحلية مع وسائل الإعلام؟!
في الأمر سر يكشفه القابل من الأيام أو يسقطه القلاب من الكراسي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر السلامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/07



كتابة تعليق لموضوع : الكرسي القلاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net