الإبتسامة وحدها لا تكفي
الشيخ مظفر علي الركابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ مظفر علي الركابي

الإبتسامة وحدها لا تكفي فلا بد من المشاعر، لأن ابتسامة بدون مشاعر كسماعكَ لنكتة باهتة بدون ضحك .
ومشاعر بدون مصداقية لا تكفي ، فلا بد من صدق في المشاعر ، لأن الصدق في المشاعر يخترق القلب كالسهم .
ربما هي كلمات تتراقص ، ومعاني تترقرق ، والفاظ تنساب على اللسان كما ينساب العسل على جذع الشجرة ، فلا الخشب يعرف معنى العسل ، ولا العسل يدرك قيمة الخشب .
نعم ثمة تلاعبٌ في الألفاظ قد تنطوي على عديم الإحساس ، لكن لا تتجاوز ذي الحس المرهف . لأن الإحساس كالأجهزة الذكية مبرمجة بدقة لا تقبل الخطأ ، ولا يمكن خداعُها .
هي هكذا القلوب تغترف بمن تعترف .
أحياناً نركز على تنميق الألفاظ وننسى المعاني ، وأحياناً نركز على المعنى فيخوننا التعبير في إقتناء اللفظ المناسب له .
ربما تختلف الأمزجة فيعجز المتكلم عن إيصال فكرته الى تلك العقول المتباينة ، وكما قيل ( إرضاء الجميع غايةٌ لا تُدرك )؟
لكن الذي يمكن حسب يقيني واعتقادي وقناعتي ، أن ( إرضاء الضمير غايةٌ تدرك )
وبكل يسر وسهولة . ولكن أصعب شيء أن تُرضي الغير وتُغضب الضمير ، فتعيش في حالة إزدواجية ، بل تعيش في حالة عقوبة ومحاكمة وتأنيب ، في حالة اليقظة أو النوم ، في حالة الفرح أو الحزن ، في حالة النجاح أو الفشل ، في حالة الفوز أو الخسارة .
بل أعظم الخسارة أن يخسر الإنسان ضميره ، وأعظم الحسرة أن يفقد الإنسان حس التمييز ، فإذا خسر الإنسان ضميره خسر كل شيء ولو كان أثرا الأثرياء ، وعنده كنوز قارون ومفاتحه .
نعم إنها الحقيقة التي يهرب منها كل إنسان ولا يريد أن يجلس مع ضميره ولو دقائق ليحاسبه الضمير ، بمحاسبة الضمير أشد من محاسبة القاضي ، وسجن الضمير أقوى من السجن الفولاذي ، وعقوبة الضمير أمض من كل العقوبات الجسدية ، وربما بعض الناس يتحمل آلام الجسد ولكن لا يتحمل وغز الضمير ، وبعض الناس ربما إذا جلس مع ضميره للمحاكمة لا يطيق العتاب والمحاسبة فيقرر الإنتحار فهو أرحم من تأنيب الضمير .
فيا لهول تلك الخسارة إذا خسر الإنسان ذلك القاضي النزيه ، الذي لا يرضى بالظلم ولا التعدي ولا التجاوز ، ولا يقبل الرشى ولا تخدعه المجاملة ، ولا يميل لمغريات أو ضغوطات ، إنه جوهرة شفافة لا تقدر بثمن .
فأيةُ خسارة كبيرة عندما يخسر ذلك الإنسان تلك الجوهرة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat