طاقة التغيير وقوة الجاذبية الشعبيةالجزء الثاني
احمد العبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  بالرجوع إلى موضوعنا في العدد السابق عن سبب التغيير الآن، سيكون المواطنُ التونسي الذي قام بإحراق نفسه يمثل قوة الجذب الأولى والتي جعلت فضاء محيطه يتغير، ثم توالت سلسلة التغييرات المتواصلة حيث كل تغيير يتبعه تغير شكل المحيط.. وهنا سندخل في عمل القانون الفيزيائي الثاني وهو قانون تأثير الفراشة، الذي يقول: إن رفرفة جناح فراشة في البرازيل ممكن أن تُحدث إعصاراً في تكساس، أي أن أي حدث ولأسباب لا يستطيع توقعها أحد ممكن أن يدخل في مجالات من التكبير المتواصل، لينتج أحداثاً أكبر وأكبر، أشبه ما يكون بكرة الثلج، وخير مثال قريب من تناولنا وإدراكنا العقائدي، دم الحسين (ع) الذي سال في منطقة مقطوعة من الصحراء، وتحت تغييب إعلامي كبير، ظل يكبر ويكبر حتى أحدث سلسلة كبيرة من الثورات المتواصلة، وأصبح منهجاً سياسياً كبيراً مازال يكبر ويكبر حتى هذه اللحظة التي تمارس فيها طقوس إحياء الثورة بشكل حي، وتفاعل حقيقي من قبل الناس، يحتاج إلى دراسات حديثة في علوم الإنسان، في محاولة للتوصل إلى قانون أصيل من قوانين الكون الاجتماعية.
 ولكي نجمع كل تلك المفاهيم في خلاصة نحاول من خلالها فهم ما يحدث، ولماذا هذا التغيير الآن، ومن أين جاءت كل تلك القوة بشكل مفاجئ لتطيح بالعروش؟
 نقول، على المستوى الفردي، أي شخص يقرر التغيير ويركز طاقته ويقوم بفعل للتغيير، سوف يجبر المحيط حوله على أن يتغير ليتلائم مع الوضع الجديد، هذا على المستوى الفردي، حيث يستطيع الإنسان دائماً تغيير واقعه، ولكن لأجل القيام بتغييرات كبرى نحتاج لتجميع وتركيز طاقات أكبر، وهذا يحصل من خلال التجمع، أي أن جاذبية ألف شخص ستغير مدى أوسع من الفضاء الكوني، وجاذبية مليون شخص مثلاً ستصبح جاذبية عملاقة تجبر الكون على التغيير حتمياً.. وهكذا سنكتشف أن العبادات الإسلامية هي عبادات تجمعية تهدف للتأثير على الكون بتركيز الطاقة وتجميعها، مثل صلوات الجمعة وصلاة الاستسقاء التي تربط بشكل مباشر بين قوة الطاقة الجاذبة البشرية وحتمية التغيرات الكونية .
 التجمع يعمل على توحيد ذبذبات الطاقة بتردد واحد، أي هي شبيهة بتجميع حزم الضوء العادي ليتحول إلى ضوء ليزر يمتلك إمكانيات خارقة.. وهنا سنجد أن النموذج التونسي قد أعطى للشعوب فكرة جديدة، كانت الشعوب لا تفكر فيها أبداً، وهي أن  الشعوب  قادرة على  تغيير واقعها؛ هذا النموذج أدى إلى إيمان قوي للشعوب بقدرتها على التغيير، وبالتالي تضاعفت الطاقة التي بدأت بنسمة هواء لتتحول إلى إعصار لن تفلت من أذرعه أي دولة عربية، لذلك على الشعوب العربية استغلال هذه الطاقة الجديدة لإحداث التغيير في واقعها السياسي.
 الطاقة المتجمعة الآن تعني أن عهداً جديداً من التطور قد حصل بالفعل، هذا التغيير لن يتوقف حتى تنتهي هذه الدورة من الطاقة، لذلك على المؤسسات الدينية أن تبدأ بشكل جدي بتحديث مناهجها بشكل يتوافق مع ما يحدث من تغيرات كبرى.. المقالة القادمة ستكون حول التحديات التي تواجه المؤسسات الدينية في عصر التغيير، وكيف من الممكن أن تشاركَ في صنع المستقبل.

الموضوع السابق قسوة القلب

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat