قسوة القلب
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الكثير منّا مصابون بهذا الداء العضال، فما هو سببه؟ وما علاجه؟
القسوة هي غلظة القلب فتؤدي الى انسداده عن المواعظ والعبر، فيبتعد رويداً رويداً عن الله تعالى: ((ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً)) البقرة: 74.. وهذه القسوة يتشارك فيها كل أعضاء الجسم وبالخصوص العين والأذن واللّسان، قال تعالى: ((إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)) الإسراء: 36، فالنظر كلّما كان غير متورّع عن محارم الله، كلّما ترك أثره على القلب فيولّد حاجباً حاجزاً عن استقبال الأنوار، وكذلك بقية الأعضاء، وعلى العكس من ذلك فيما إذا كان متورعاً عن محارم الله، فانّ القلب سيصفى شيئاً فشيئاً حتى يكون مستقبلاً جيداً للفيوضات الإلهية، فتنفتح أمامه الآفاق والمعارف.. إذن هذه الأعضاء تكون بمثابة الرافد الأساسي للقلب، فما تصدّره للقلب ينعكس بالسلب والايجاب على تصرفات الانسان..
وبعدما شخّصنا الأسباب وحصرناها بهذه الأدوات بقي أن نجد العلاج، وأعتقد انّه قد عُرف بعد التشخيص، فكل ما علينا هو أن ننهلَ من المناهل الطيّبة ونمتّع هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه، فعلاج النظر مثلاً غضّه عن محارم الله، وتقويته بالنظر الى القرآن وتدبّر آياته وبذلك يشترك النظر والفكر بل كل الأعضاء بالتعايش مع آيات الله تعالى، وإضافة لذلك فانّ الكلام بغير ذكر الله يكون مبعداً عنه سبحانه وتعالى، لذا قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ((لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله، فإن كثرة الكلام في غير ذكر الله قسوة القلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي))، فالعلاج الأمثل هو ذكر الله تعالى: ((أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)) الحديد: 16، فالقلب يحتاج الى علوم صافية حتى تترك أثرها على تصرفات وأفعال الانسان بل على روحه فتسمى فتكون محلاًّ للمعارف الإلهية..
نستنتج من ذلك أنّ قسوة القلب تأتي من كثرة الذنوب والمعاصي التي نرتكبها ونفعلها بجوارحنا، وبالتالي فأنّ ذلك يكون سبباً للطرد من القرب الإلهي بل قد تؤدّي الى عدم نيلنا الشفاعة فلا ننال الجنّة البتّة، فالأمر خطير جدّاً وليس مجرد كلمات نردّدها كأنّها شيء بسيط ويمكن التغاضي عنه، فلنتدارك ذلك ما دام الأمر لم يخرج من بين أيدينا ولم نصل الى يوم لا ينفع فيه الندم والحسرة، وما خلقنا إلاّ لننال رضا الباري تبارك وتعالى، فلنحول هذا القلب الى الرقّة واللّين فيبكي من خشية الله تعالى..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat