الواقعُ السياحي بين الإهمال والتطوير
منتظر العلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منتظر العلي

يعد المورد السياحي معين لاينضب من العطاء الدائم، حيث إن هناك بلداناً كثيرة يعتمد اقتصادها على السياحة بشتى أنواعها؛ والموارد السياحية تتميز بوجود بعدين، البعد الأول يتمثل بالموارد الطبيعية والتي تشمل المعطيات الجغرافية الطبيعية، كالموقع الجغرافي، والبيئة الجيولوجية، وسطح التربة، والمناخ، والموارد المائية، والنبات الطبيعي.. بينما يتمثل البعد الثاني بالموارد البشرية، وتشمل السكان ونموهم وتركيبتهم الحضارية، والأجواء التي يعيشون بها من طقوس دينية، وأماكن عبادية، ومقدسات وغيرها... ولكي تنجح مهمة الجذب السياحي، يجب التخطيط لها، ويسمى هذا التخطيط بـ(التخطيط الاقتصادي) الذي يهتم باستثمار الموارد والامكانات السياحية، بهدف اسهام هذا القطاع الاقتصادي في زيادة حصيلة الدخل القومي وتنويع مصادره.
وتتمثل الموارد التي يمكن استغلالها في مجال صناعة السياحة، بالمعطيات الجغرافية الطبيعية، والمعطيات البشرية، والمظاهر الحضارية والثقافية التي تتضمن ذلك، وأهمها السياحة الدينية التي تمتلك قوة الجذب السياحي الأكبر في العراق، ولكنها كانت مهملة في زمن اللانظام، حيث حاول ازلام اللانظام تخريبها ودثرها، وطمس معالمها على طيلة خمس وثلاثين سنة مضت. أما السياحة المرتبطة بالمعالم الأثرية فقد أهملت هي الأخرى، وسرق ماخف حمله منها؛ واليوم الواقع السياحي العراقي هو واقع متردٍّ، ولايمتلك أي قوة جذب سياحي، لولا وجود المعالم الدينية المتمثلة بمراقد ومقامات الأئمة الأطهار (عليهم السلام)؛ والتي عانت - وللأسف - من الإهمال الشديد، والتخريب الذي طالها، طيلة عقود من حكم الطاغية المقبور.. وبعد سقوطه، أتيحت الفرصة لإعادة إعمار المعالم الدينية، وأخذت المرجعية الدينية في النجف الأشرف على عاتقها انجاز هذه المهمة، فعملت على إعمار وتطوير عتباتنا المقدسة، حتى أصبحت مراكز استقطاب مهمة، خاصة مدينة كربلاء التي أضحت اليوم من أكبر مراكز الجذب السياحي في العالم. وتقدم العتبات الدينية المقدسة أكبر الخدمات السياحية، ومنها سيارات النقل المجاني، ونشر المواكب الخدمية التابعة للعتبات على الطرقات الرئيسة، للتبرك بزاد الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، وتنظيم دخول المواكب، وإقامة الشعائر الحسينية بشكل صحيح لاستيعاب هذه الأعداد المليونية الوافدة الى المدينة، وتقديم الدعم لجميع المواكب الحسينية من مواد وأغطية، وتسهيل عملية دخولها وخروجها، وغيرها من الخدمات العامة المساهمة في زيادة قوى الجذب السياحي..
ورغم التزايد الكبير جداً في أعداد الزائرين، نتيجة يبقى السؤال هنا: متى يتم الالتفات الى تأهيل الواقع السياحي في العراق، ومتى يأخذ حيزاً من اهتمام مجالس المحافظات، ومن قبل وزارة التخطيط بشكل خاص؟ على مجالس المحافظة أن لاتعتمد على إدارة العتبات فقط، وتبقى هي مكتوفة الأيدي لاتقدم لهذه المعالم السياحية شيئاً يذكر..! على وزارة التخطيط أن تعمل على إعادة تخطيط المدن المقدسة بشكل جدّي، وأن تعمل على توسيع هذه المدن، ومداخلها، واخراج الدوائر والمصانع التي تؤثر سلباً على جمالية المدن، كما يجب مراعاة الطراز الإسلامي في مداخل المدينة، ومخطط التطوير بشكل عام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat