صفحة الكاتب : عبد الرزاق الربيعي

دوافعُ الاستثمار الأجنبي المباشر ونظرياته
عبد الرزاق الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  ترتبط دراسة دوافع الشركات متعدية القومية للاستثمار خارج أوطانها الأم بدراسة النظريات التي تناولت أسباب ظهور الاسثمار الأجنبي المباشر، ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن هذه النظريات انما جاءت لتوضيح الأسباب التي تدفع بالشركات لتدويل أنشطتها. لقد تحددت الفترة التي ظهر خلالها مفهوم الاستثمار الاجنبي المباشر، فقد كان يُطلق عليه بالاستثمار الدولي إلى أن جاءت سنة 1930 ورد اول ذكر للاستثمار المباشر، والذي لم يفصل بين مفهوم الاستثمار المباشر والاستثمار المحفظي. ولغاية سنة 1960 كانت نظرية الاستثمارات المباشرة اساساً هي نظرية الاستثمارات الرأسمالية المحفظية او غير المباشرة . 
 أما التحديد الدقيق للمفهومين سابقي الذكر، فيعود إلى (آرثر بلومفيلد) الذي أطلق مفهوم الاستثمار الاجنبي المحفظي في سنة 1968 وميز ابعاده. أما فيما يتعلق بنظريات الاستثمار الاجنبي المباشر فلم يعرف الاستثمار الاجنبي المباشر والمحفظي في عهد النظرية الكلاسيكية كما مر ذكره حتى سنة 1968، فبنيت النظرية الكلاسيكية على قواعد المبادئ المالية وأساسياتها. ففي اطار هذه النظرية، تمت رؤية الاستثمار الاجنبي المباشر على انه نتيجة لرغبة الشركة في الحصول على أعلى عائد لاستثمار رأس المال، فتقوم هذه النظرية على اساس ان الأسواق المالية في مختلف الدول غالباً ما تكون منعزلة عن بعضها البعض، فضلاً عن أن أسواق رأس المال ليست بالقدر العالي من التطور في الكثير من الدول لاسيما المتخلفة منها. ومن ثم فالنظرية التقليدية (الكلاسيكية) تشرح تدفق رأس المال على انه استجابة لاختلاف سعر الفائدة من دولة لاخرى، فرأس المال سيتدفق إلى المناطق التي تحصل فيها الشركة على أعلى عائد. كانت هذه النظرية كافية في السابق لتفسير الاستثمار الخارجي عندما كان الاستثمار الخارجي اساساً استثماراً غير مباشر أي انها كانت كافية لتفسير ظاهرة الاستثمار الخارجي غير المباشر، ولكن الصورة تغيّرت اليوم كثيراً وأصبح حجم الاستثمار المباشر كبيراً جداً.
 ثم جاءت نظريات الاستثمار الاجنبي الحديثة، فالنظريات الاحتكارية بحثت عن الاجابة لظاهرة الاستثمار في تركيبة السوق الذي تستأثر فيه شركة ما بوضع او تمتلك ميزة الشيء الذي يدفعها او يمكنها من الاستثمار في الخارج. وتضم النظريات الاحتكارية ثلاث نظريات هي نظرية الشركة الأولى في الميدان، ونظرية الاحتكار، ونظرية الاستثمار الاجنبي كرد فعل لنشاط المنافس. والى جانب النظريات الاحتكارية أعلاه، فهناك نظرية دورة حياة السلعة؛ إذ تستخدم هذه النظرية في اطار دورة حياة السلعة المعروف بوصفه مدخلاً لتفسير التجارة والاستثمار الخارجيين؛ ففي النظرية المحلية لدورة حياة السلعة تمر السلعة بعدة مراحل، من أول ظهورها إلى أن تبدأ في الاختفاء، وتتفاوت مبيعاتها صعوداً ونزولاً مع تلك المراحل. 
 أما هنا، فيفترض أن السلعة تمر في دورة حياتها بالانتاج المحلي ثم التصدير ثم الاستثمار الخارجي، ثم التدهور، إلا أن أكثر النظريات التي لاقت قبولاً في تفسيرها للاستثمار الاجنبي هي النظرية الانتقائية، فهذه النظرية تؤكد على عناصر متعددة، فهنالك المتغيرات المتعلقة بالقطر (الاجنبي)، وتلك المتعلقة بالشركة، ومجموعة اخرى اسماها (عناصر الاستيطان)، وهذه العناصر تحدد في النهاية، أي شكل يتخذه استغلال الشركة لسوق القطر الاجنبي. وتبعاً للنظرية الانتقائية (لدننج) فان الاستثمار الاجنبي المباشر، يظهر عندما تتحقق ثلاثة شروط للشركة:
أ- ميزة تملكها الشركة: فالشركة هنا تمتلك إحدى المزايا التنافسية الفريدة والتي تمكنها من تجنب المنافسة مع الشركات الاجنبية في الوطن الام للشركة الاجنبية، والتوجه إلى الاستثمار في الخارج كامتلاك العلامة التجارية، او امتلاك تكنولوجيا خاصة بالشركة وغيرها.
ب- ميزة  الموقع: فالتمركز في موقع أجنبي، يجب أن يكون أكثر ربحية من العمل في موقع محلي.
ج- ميزة التدويل (الاستيطان): فالشركة تحقق منفعة أكبر من خلال قيامها بالأنشطة الأجنبية بنفسها، بدلاً من اسنادها إلى شركة اجنبية.
1- الأسباب التي تدفع بالشركات للاستثمار في الخارج.
هناك أربعة أسباب رئيسة تدفع الشركات إلى الاستثمار الاجنبي المباشر: 
أ- استثمار اجنبي يبحث عن الموارد: يعد هذا الاستثمار من أكثر الأنواع انتشاراً في الدول النامية، وقد عد هذا الشكل من الاستثمار كأقدم أشكال الاستثمار، كالتنقيب عن النفط وغيره من المواد الخام.
ب- استثمار يبحث عن الكفاءة: في العصر الحديث أصبحت عمليات البحث عن العمالة الماهرة والكفوءة، دوافع قادت الشركات للدخول في اقتصادات اخرى.
ج- استثمار يبحث عن الخدمات: في السنوات الأخيرة، أصبح هذا الشكل من الاستثمار من أهم أشكال الاستثمار الأجنبي المباشر، بعد ان انتهجت العديد من البلدان النامية برامج الاصلاح الاقتصادي، حيث اتصفت الاستثمارات هنا بتقديم الخدمات المالية، كالتأمين والتمويل لبعض أنشطة الاستثمار الاجنبي المباشر، فضلاً عن تقديم الخدمات التقليدية كالمواصلات والكهرباء وغيرها.
د- استثمارات تبحث عن السوق: يتجه هذا النوع من الاستثمار إلى البلدان النامية ذات الأسواق الكبيرة، ويعد هذا الاستثمار بديلاً عن عمليات التصدير من قبل الدولة الأم، وان لم يتكامل حجم السوق مع عوامل مهمة أخرى، كالعمالة الماهرة فأنه يعد عاملاً ضعيفاً في جذب الاستثمارات، بالاضافة إلى الحاجة لوجود قوة شرائية عالية لدى البلدان المضيفة، لتتمكن الشركة الأجنبية من توزيع انتاجها في الاقتصاد المحلي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الرزاق الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/23



كتابة تعليق لموضوع : دوافعُ الاستثمار الأجنبي المباشر ونظرياته
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net