حياة العلامة السيد علي بن طاووس (قدس)
محمد الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الموسوي

مدينة الحلة الفيحاء، هي مدينة العلماء والفقهاء منذ تأسيسها عام (495 هـ)، ومنهم أحد علمائها البارزين من آل طاووس (رحمهم الله جميعاً)، هو العلامة السيد رضي الدين علي بن طاووس (قدس)، وينتهي نسبه إلى الإمام الحسن المجتبى بن الإمام علي بن أبي طالب (ع). ولد العلامة السيد علي بن طاووس في 15/ محرم الحرام/ 589هـ في مدينة الحلة. أول ما نشأ بين والده وجده لأمه الشيخ ورام بن أبي فراس الحلي. وتعلم اللغة العربية وهو صغير، وقرأ علم الشريعة المحمدية، ودرس أصول الدين وعلم الفقه، وحفظ الجمل والعقود، فكان كثيرَ المطالعة، يتغلبُ على التلاميذ أثناء المناظرة، وكان أستاذه وشيخه العلامة محمد بن النما (قدس)، يشجعه على ذكائه وفطنته.
هاجر السيد (ابن طاووس) إلى بغداد وعمره 36 سنة، ومكث فيها 15 سنة، فكانت له مكانة اجتماعية عالية، وشخصية وجيهة مرموقة، سواء على صعيد علاقته بالمجتمع العلمي المتمثل حين ذاك بعلماء المدرستين النظامية والمستنصرية، ومناظرته معهم؛ ولذلك قرّبه الخليفة العباسي المستنصر بالله، لعلمه وذكائه، حتى عرض عليه الوزارة، فرفضها وقال: (إن كان المراد بوزارتي على عادة الوزراء، يمشون أمورهم بكل مذهب، وكل سبب، سواء كان ذلك موافقا لرضا الله سبحانه وتعالى، ورضا سيد الأنبياء والمرسلين، أو مخالفاً لهما في الآراء. فأنك من أدخلته في الوزارة بهذه القاعدة، قام بما جرت عليه العوائد الفاسدة، وإن أردت العمل في ذلك بكتاب الله جل جلاله، وسمت رسول الله (ص)، وهذا أمر لايحتمله من في دارك، ولا مماليكك ولا خدمك ولا ملوك الأطراف...).
استقر في الكاظمية المقدسة سنة (656هـ)، وشارك أهل بغداد في محنتهم، وذاق أهوال هجوم التتر المغول على بغداد.. وله موقف عظيم أمام (هولاكو)، عندما جمع علماء بغداد وسألهم: أيهما أفضل السلطان الكافر العادل أم السلطان المسلم الجائر؟ فلم يجب على سؤاله أي من هؤلاء العلماء، فتقدم (ابن طاووس) فقال له: (العادل الكافر أفضل من المسلم الجائر). فتحقق الأمن، وحقنت الدماء، وحفظت الحرمات، وسلم الناسُ من أذى المحتل المغول.
في سنة (661هـ) أصبح نقيب الطالبيين بالعراق، أولاده محمد الملقب بالمصطفى - وعلي بن علي، وهذا له كتاب (زوائد الفوائد). وتولى النقابة بعد أخيه محمد. أما أساتذته، أولهم والده موسى، والشيخ ورام، والشيخ محمد بن النما، وغيرهم. أما تلامذته فهم كثيرون جداً، ومؤلفاته كذلك؛ فأنها جمعت وصنفت وتجاوزت الـ(50) عنواناً من الكتب القيمة، منها: (الملهوف على قتلى الطفوف)، وغيرها من الكتب المفيدة للمجتمع الإسلامي.
أما وفاته فأجمعت المصادر على أن وفاته كانت في الحلة، يوم الاثنين، في اليوم الخامس من شهر ذي القعدة سنة 664 للهجرة. وقد أعيد بناء قبره، وتمّ بناء مسجد كبير للصلاة منفصل عن المرقد الشريف، فضلاً عن المرافق الخدمية الأخرى.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat