صفحة الكاتب : كريم شلال نعمه

يا حاضرا عند الشدائد لايثنيك موت ح2
كريم شلال نعمه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  تتجلى سعادتنا في إرضاء الله تعالى، والعمل والتدرع بحكمته، وخير من تمثل بتلك المثل بعد المصطفى (ص)هوابن عمه إمام الغر المحجلين (ع)وهو ما نحن بصدد الخوض في ثناياه،فهو رجل ليس ككل الرجال، بل يكاد يتفرد بما يحمله من خصال حباه الله تعالى بها، فيكفي انه تلميذالمصطفى (ص)وهذا النسج الخاص من البشرتراهم كالمصابيح المتناثرة على مفارق الأجيال ، بل هم كالرواسي، ومن بين هؤلاء القلة يبرز وجه علي بن أبي طالب ع التي فاضت عليه أنوار النبوة.

إن الولوج إلى عالمهذه الشخصية ليس أقل حرمة من الولوج إلى المحراب، فيترتب على المقتحم التحصن والتأدب والتأني، فهو ليس ككل من يأتيإلى دنياه ويغادرها، ويلفه النسيان لكنه أتى دنياه، أتاها وكأنه أتى بها.. ولما أتت عليه بقي وكأنه أتى عليها. وتظلمسيرته نبراسا لطالما حاولت الطغم الباغية محاصرته ببطلانها،على الرغم من خبثهم وشراستهم، لكن إرادة الله تعالى فوق إرادتهم، لينصف أولياءه، فكان انتصاره ساحقا باستشهاده في مسجد الكوفة، وليطلق صيحته المدوية التي عانقت السماء ودكت صروح الجبابرة "فزت ورب الكعبة"، لقد كان الإمام على (ع) مقاتلا، فدائيا، مأمورا ومتطوعا، انتصر على الرغم من طغيان الفئة الباغية،وانتصارها الدنيوي المحدود، لكن انتصاريعسوب الصابرين هو انتصار البشرية على مر العصور.
 ومن أين تبدأ فهو صعب يسير،وأنت تقتحم حصن وقلاع رجل عظيم يقول:"سلوني قبل أن تفقدوني فو الله لا تسألوني عن فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقتها وسائقتها"، وعلى الرغم مما طرحه في دنيا الفكر الإنساني من أبواب المعرفة المتعددة،فإننا نظل عند قناعتنا من أن الإمام (ع) لم تسعفه الظروف الاجتماعية والسياسية على حد سواء في أن يسدي للإنسانية بالكثير مما عنده من معرفة؛ حيث كان من أزهد الناس في السلطة، ولما جاء المسلمون لمبايعته بالخلافة قبل أن يتولى المسؤولية الأولى في جهاز الدولة الإسلامية الفتية، دخل عليه صفيه وتلميذه "عبد الله بن عباس" يوماً فوجده يخصف نعله فعجب ابن عباس من أن يخصف أمير المؤمنين نعله بنفسه، وهو يحكم مناطق شاسعة من العالم القديم، فقال لابن عباس: (ما قيمة هذه؟) - مشيراً إلى نعله - قال: لا قيمة لها، فقال الإمام: (والله لهي أحب إليّ من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً...) ومنهذا فالسلطة تعني عنده - إذن - إقامة الحقوق، ومقاومة الباطل وأهله، ويظل الإمام حاضرا معنا في كل لمحة،فهو كالبحر تذوب مخيلتك ويشط ذهنك في ثناياأمواجه الهادرة، فمن بلاغته التي تجسدت في"نهج البلاغة"والتي يزداد بريقها ولم يزدها تقادم الأيام إلا جدة ورفعة،إلى علوم الطبيعة والكون، ونقصد من علوم الطبيعة كل العلوم التي تدرس الطبيعة والكون التي أحاط بكل مفاصلها الى علوم الفلك والرياضيات والفيزياء والكيمياء والجيولوجيا...
إلى مواقفه الخالدة في مجال حقوق الإنسانالتي تتضمنالرؤية الشمولية لحقوق الإنسان في الإسلام، فقد كانت مواقفه معبرة أصدق تعبير عن هذه الرؤية، مستميتاً في الدفاع عنها قولاً وعملاً إلى آخر لحظة في حياته،إلى دماثة خلقه حتى مع قاتله الذي شخصه منذ وقت مبكر، ولم يقتص منه عملا بمبادئالإسلام،عندما أتاه عبد الرحمن بن ملجم ليبايعه نظر علي(ع) في وجه طويلاً، ثم قال: أرأيتك إن سألتك عن شيء وعندك منه علم هل أنت مخبر عنه؟ قال: نعم، وحلفه عليه فقال: أكنت تواضع الغلمان وتقوم عليهم، وكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا: قد جاءنا ابن راعية الكلاب؟؟ فقال: اللهم نعم، فقال له: مررت برجل وقد أيفعت (صرت يافعاً) فنظر إليك نظراً حاداً فقال: أشقى من عاقر ناقة ثمود؟ قال: نعم قال: قد أخبرتك أمك أنها حملت بك في بعض حيضها؟فسكت هنيئة ثم قال: نعم، فقال الإمام: قم فقام، قال ( ع): سمعت رسول الله ( ص) يقول: (قاتلك شبه اليهودي بل هو اليهودي).
ونقول هل توقف عطاؤه (ع)على أحد دون آخر؟كلا بل فاض بره وطوق أعناق حتى أعداءه،وهل توقف عدله، أم جوده وكرمه؟، وهكذا فعطاياه كالنجوم لاتعد ولاتحصى، ولكن ماذا جنى من كل مداده الذي نشره على مدى أكثر من (63)سنة؟ والجوابيأتي من عدو الله الذي طالما أفاض عليه الإمام بجوده وكرمه، فماذا جنى منه ومن أمثاله من الطغاة البغاة إلا الغدر،فعبد الرحمن بن ملجم الذي غرته الدنيا بزخرفها وتمايل عشقا مع شيطانها، فسارعلىهوى الخوارج وذاب في حب قطام، التي قُتل أبوها وأخوها وزوجها في النهروان، وقد امتلأ قلبها غيظاً وعداءً لأمير المؤمنين، وأراد ابن ملجم أن يتزوجها فاشترطت عليه أن يقتل أمير المؤمنين (ع) فاستعظم هذا الأمر وطلبت منه ثلاثة آلافديناروعبداً،وانصاع لطلبها، وتمثل لأمرها،ونفذ مآربها فتحين الفرصة للغدر بالإمام، وكان الإمامُ (ع)يعلم بسر ابن ملجم ليخبره عن نومته الخبيثة،بأنها نومة يمقتها الله، وهي نومة الشيطان، ونومة أهل النار،وبر أمير المؤمنين ( ع) يفيض من علومه على الأخيار والأشرار وينصح السعداء والأشقياء ولا يبخل عن الخير حتى لأشقى الأشقياء، ويرشد كل أحد حتى قاتله!! ثم يقول الإمام لعدو الله تعالى: لقد هممت بشيء تكاد السماوات أن يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً، ولو شئت لأنبأتك بما تحت ثيابك ثم تركه، واتجه إلى المحراب، ويستغل اللعين سجود الإمام لفعل فعلته الخبيثة، التي قابلها الإمام بقولته الخالدة" فزت ورب الكعبة"، هذا ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، لقد استولت الدهشة والذهول على الناس، وخاصة على المصلين في المسجد، وفي تلك اللحظة هتف جبرائيل بذلك الهتاف السماوي المدوي والذي لم نسمع في تاريخ الأنبياء أن جبرائيل هتف يوم وفاة نبي من الأنبياء أو وصي من الأوصياء، ولكنه هتف ذلك الهتاف لما وصل السيف إلى هامة الإمام وهو بعد حي، هتف بشهادته كما هتف يوم أحد بفتوته وشهامته يوم قال: لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار،ويذهب أعداؤك سيدي الى مطامر النار، وغياهب جهنم،وتبقى منارا وعلما بل تبقىقبسا يسير على هداه المتقين الى يوم الدين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم شلال نعمه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/06



كتابة تعليق لموضوع : يا حاضرا عند الشدائد لايثنيك موت ح2
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net