المجتمع العراقي: لمن الغلبة / للمرأة أم للرجل؟
د . حميد حسون بجية
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . حميد حسون بجية

راجت خلال الستينات من القرن العشرين نكتة مفادها أن أحدهم سأل صاحبه عن دوره في عائلته فقال: زوجتي تقوم بأداء الأمور البسيطة من قبيل التسوق ورعاية الأطفال ودفع ما على العائلة من ديون وغير ذلك من الأمور. قال له صاحبه: وأنت ما دورك؟ قال: أنا أبتُ في أمور كبيرة من قبيل مسألة قبول الصين في الأمم المتحدة.
سقت المثل أعلاه مفتتحا موضوعي لأدلل على الوضع غير المتكافئ- وبالتالي غير المقبول- بين الرجل والمرأة في المجتمع الشرقي بشكل عام والمجتمع العراقي بشكل خاص. فمن خلال التجربة عرفنا أن الرجل أفلح إلى حد كبير في (اعتقال) الإناث من عائلته، وجعلهن سجينات البيت، يشجعه على ذلك ما يتصف به مجتمعه من تقاليد ابتعدت في معظمها- إن لم يكن كلها- عن تعاليم الإسلام الحنيف الذي أرسى القواعد والأسس السليمة لتحقيق التكافؤ بين كل الأطراف ضمن الأسرة الواحدة - وبالتالي على نطاق المجتمع ككل. بيد أن المرأة التي أخذت تشعر أنها مسجونة لا لذنب جنته بل لمجرد أنها أنثى، وأن المجتمع الذي لم يعد يتوانى عن ارتكاب أبشع الجرائم، ولا يتورع عن ممارسة أنواع المعاصي مهما أغضبت الإله أو استنزلت البلاء، قد اختار لها أن تكون كذلك. لذلك، وردا للاعتبار، تتبع الأنثى وخاصة الزوجة، دبلوماسية افتقدها الرجل ابتداءً. وعادت المرأة تكسب المواقف لصالحها وفي أمور كثيرة تهم الأسرة ككل، من قبيل تزويج الفتيات أو الفتيان وحسب إرادتها، وليس للرجل إلا الموافقة الصورية على الأمر.
فعندما يصل الرجل إلى البيت، تنبري الزوجة في مقابلته بالسلام وتوفير المستلزمات لتهدئ من روعه وتقلل من معاناته وما يلاقيه في العمل. ثم تبدأ المرحلة اللاحقة بعدما يشعر بنوع من الراحة... وتبدأ بطرح الموضوع ومحاولة إقناعه من أن الأمر فرصة لابد من استغلالها، وإن لزم الأمر التفاوض وإعطاءه فرصة للتفكير، وحتى وضعه أمام الأمر الواقع.
وبهكذا دبلوماسية تكسب المرأة الجولة، ويفقدها الرجل لأنه لم يكلف نفسه عناء اتخاذ المبادرة والشروع بدبلوماسية مماثلة تغير الأمور من أساسها. فالرجل الناجح هو الذي يأخذ على عاتقه طرح الأمور على عائلته بشكل هادئ، ويأخذ رأي كل واحد منهم ويناقشه، ولكن دون إسفاف أو تفريط في دوره كأب ورب للبيت. ثم يتخذ قراره بعلم عائلته. وبذلك يكسب ودهم جميعا، ويبقي على دوره دون مساس. وبذلك لا تضطر زوجته سلوك طريق ملتو، كما أنها تبدأ بشعورها بدورها باعتبارها الأم والشريكة والناصحة الأمينة.
أنا على يقين من أن البعض سيقول أنها مثاليات، وأنها غير ممكنة التطبيق. لكني أقول أنها نابعة من تجربة. فما علينا إلا أن نجرب، ونأخذ دورنا كآباء ومربين. فالله سيسألنا عما فرطنا فيه من صفو عوائلنا، ولن يثيبنا على عمل آخر اتخذناه بديلا عن رعاية أسرنا.
وبذلك نترك أمر تقرير دخول الصين إلى الأمم المتحدة للذين يهمهم الأمر!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat