المبلِّغون ونقل التشيع مسؤولية كبيرة وقضية عظيمة (2)
الشيخ كمال معاش
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ كمال معاش

تطرقت في الموضوع السابق الى أهمية التبليغ الإسلامي، وأود من خلال هذا المثال أن أبيّن وجهة نظري تجاه هذا الموضوع، فمن خلال عملي كمبلغ زرت الكثير من العوائل (السنية) وفي إحدى الزيارات طلبت من عائلة أن يجلبوا لي كتاب الله العزيز القرآن الكريم لأقرأ... فتعجبوا من طلبي وقالوا لي: هل أنتم تقرأون القرآن..!! ألستم كفارا..!! وأنا كنت أرتدي الزي بالكامل، وبعد ذلك قلت له: أريد أن أصلي... فتعجّبوا أكثر وقالوا: كافر وتريد أن تصلي!!
فانظر إلى هذه الأفكار المزروعة في عقولهم عنا، إذاً هناك فراغ في الساحة الإسلامية، وهذا نابع من تقصير منا واقعا. ولكن أقول إن هذا التقصير ليس متعمدا بل لشدة الضغوطات التي نتعرض لها كطائفة، لذلك علينا مقاومة هذه الضغوط من خلال فتح جامعات ومدارس وتكثيف الدورات من أجل نشر فكر وفضائل وعظمة أهل البيت (عليهم السلام).
كما زرت الكثير من القرى والأرياف في سوريا ولبنان، ورأيت تعطشا كبيرا لفكر هذا الخط المحمدي الأصيل، فيجب على المبلغين أن يزوروا هذه الأماكن، ولكن عليهم أن يذهبوا وهم متحصّنون بعلوم أهل البيت (عليهم السلام) حتى إذا سُئلوا أي سؤال يكون الجواب دقيقا وفاعلاً.
مثال على ذلك... إني ذهبت إلى منطقة في شمال سوريا تُسمى (الجزيرة) فرأيت مجلس فاتحة، والكثير من الطوائف الأخرى رأيتهم مجتمعين، فقلت: لأذهب وأجلس لقراءة الفاتحة، فطلبت منهم ان أتحدث قليلاً حول الموت، فوافقوا وطال حديثي، فأكثرت من أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) والإمام علي والإمام الحسين (عليهما السلام) وأحاديث أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) وكنت أقصد بهذا الشيء تعريفهم بفضائل أهل البيت (عليه السلام)، وكنت أريد أن أختم كلامي بحديث يربط الموت بولاية أهل البيت (عليهم السلام) ولكن لم يخطر على بالي، فطلبت من الإمام الحسين (عليه السلام) أن ينوِّر قلبي بحديث لأنقله على الحضور، وما هي إلى ثوانٍ وخطر في بالي هذا الحديث، فقلت لهم: أختم حديثي بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو: (ألا من مات على حب آل محمد مات شهيدا...) وعندما انتهيت أقبل الجميع يقبلني ويعظمني وذلك لأن حديثي لم يذكر صحابتهم بسوء أبداً.
فكل من يريد أن يعمل في هذه الساحة عليه أن يتجنّب التعرض لعقائدهم أبداً لأنهم لا يستطيعون تحمل سماع أحد يتعرّض لها، وعلينا أن نكلمهم على قدر عقولهم.
وفي أحد المجالس العلوية قلت: إن الإمام علي (عليه السلام) مدفون لدينا في النجف الأشرف... فاعتبروا هذه الكلمة كفرا من عندي، وقالوا: كيف تقول إن عليا مدفون؟ فكان عليّ أن أقول: إن لدينا مقاما عظيما للإمام علي (عليه السلام). إذاً يجب علينا مراعاة جميع الأمور عندما نتحدث مع أناس من طائفة أخرى، وأنت تحاول جذبهم إليك.
ومن الأمور التي شهدتها ذهبت إلى البادية والجميع هناك (بدو ومن رعاة الغنم والمواشي) فأخذنا أبناءهم وهم صغار في العمر، وأدخلناهم في دورات لنعرّفهم على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وبعد ثلاثة أشهر من اكمال الدورة أرسلناهم إلى أهلهم... وعلمنا بعد فترة من الزمن أن هؤلاء الأولاد استطاعوا أن يشيِّعوا المنطقة بأكملها.
وأذكر بعض ذكريات زيارتي الأولى للسودان أنها كانت في شهر رمضان، والأخرى في شهر محرم الحرام، والتقيت بجماعة يطلق عليهم اسم (الصوفيين) وأيضاً بجماعة يسمون (العركيين) فسألت عنهم فقيل هذا اسم محرّف والأسم الأصلي (العراقيين) وقد حرّفوا اسمهم لأن في أيام الاضطهاد كانوا يذبحون شيعة العراق، فانهزموا من العراق إلى الشام ومن الشام إلى هنا في السودان، ويطلق عليهم أيضاً أسم (الاشراف) وهم من السادة. وانا أتصور أن الأشراف هم أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ففي السودان هناك أكثر من 20 مليون نسمة من هذه المجموعة، وعدد نفوس السودان يبلغ 42 مليون نسمة، وهذا فارق كبير فلو كان عملنا بشكل مدروس لاستطعنا أن نغزو العالم بفكر أهل البيت (عليهم السلام).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat