صفحة الكاتب : صدى الروضتين

لقاء مع مثقف.. الدكتور صالح الطائي: "نحتاج اليوم اعادة ونشر أثر النص المقدس، لكن ليس الذي صنعته السياسات، بل اثر النص المحمدي الرسالي"
صدى الروضتين

حاوره: علي الخباز

 ليس بيننا صحفي، ليكون لدينا لقاء صحفي، وإنما هي زيارة عابرة للدكتور صالح الطائي الى جريدة صدى الروضتين، ولوجود العلاقة المعرفية تحولت الضيافة الى حوارية ممتعة.. 
- مفهوم الهوية في ظل ثقافة الانفتاح؟
 كانت الناس تسعى لتجد جوهرها في مفهوم الوطنية من حيث وجود الدعم المعنوي والفكري واللوجستي الذي كانت الناس تجده في الهوية.. ولذلك كانت الأمور متشعبة، هناك هوية كاملة، وضعيفة، وهوية بنبرة عريضة جدا هي الهوية الوطنية، مثلا الهوية القومية والهويات كل مجموعة ترفع شعارا وحتى مشجعو كرة القدم، مفهوم الهويات تغير وبدأت تتأسس هويات أخرى عابرة للقارات، نتيجة التبدل السريع في الهوية، ستكون الهويات المستقبلية غير الهويات السابقة، سيكون هناك نموذج جديد للهوية التي عرفناها. 
- بما فيها الهوية الدينية؟
 بدأت الهوية الدينية تتفتت للكثير من الأسباب، لو نأخذها على مستوى العراق فشل الإسلام السياسي في تحقيق الغايات التي كانت معقودة عليه، ضعف المرتكز الثقافي لدى الناس، ضعف دور الهوية الدينية، هناك انكفاء عن القراءة، ووجود العطالة والبطالة مع وجود الفساد، ارتفاع الأسعار قلة المداخيل الموارد، هذه كلها بدأت تؤثر على نفسية المنتمي للهوية، فأرى لابد من وجود تناغم فكري وإلا سنجد الهويات في ورطة، وخاصة ان التثقيف للمد العلماني اليوم كبير، مشروع انتقاد الهويات بينما بعض المشرفين على المؤسسات الدينية لم يتماهوا بعد مع المشروع، مع مناغمة عواطف الشباب، الان المواد الثقافية والفكرية ترتكز على علماء النفس وعلماء الاجتماع والاقتصاد والفلسفة والسياسة الغربيين للاستحواذ على اهتمام الشباب ومثل هذه الكتب ستجد تجاوباً. 
- يعني اننا تحولنا من الصراع الفكري الى دور النزاع العقائدي؟ 
 لازال الصراع مستمراً، ولم يصل الى النزاع، الصراع يكون بتواجد طرفين او اكثر، في حال النزاع لا ينتهي إلا بانتهاء احد الطرفين، نحن الان ما نمر به هو تحول القضية من مشكلة داخلية بين المؤمن واللامؤمن بين العقائدي واللا عقائدي الى اشكال والمشكلة تعد داخليا، لكن الإشكالية تدخل عليها أطراف أخرى وتبدأ تطول، تتشعب الأمور تفلت من اليد. 
- البعض يشيع قضية الانغلاق في المدرسة الدينية، نحن من خلال التجربة عرفنا ان الانغلاق الحقيقي هو علماني، العلمانيون هم الذين لا يريدون ان ينفتحوا على جوهر الاصالة التي يطالب بها الإسلاميون؟ 
 هذا هو الذي انا اقصده، المؤسسة الدينية لابد ان تفهم لغة العلمانيين، وتتكلم بها.. 
- يعني كيف تفهم لغة العلمانيين، هل نتنازل عن الاصالة مثلا، نترك لهم مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، الان العديد من الأطراف المذهبية يريدون منك ان تتخلى عن بعض الثوابت ليتعايشوا معك، وهم لا يتخلون عن أي ثابت من ثوابتهم، بمعنى ان اقدم لهذا المشروع التنازل الكامل عن هويتي؟
 نحن نتعامل مع طرفي موجب وسالب، الموجب هو الطرف الذي كنا نتعامل معه نبقى على اسلوبنا معه، وعلى منهجنا الفكري، نبقى نتعامل معه بفكر اهل البيت (عليهم السلام)، بالقرآن الكريم وبالحديث يكتب التأريخ الموثوق وغير الموثوق وغيرها والطرف السالب هو الطرف العلماني، لديه موقف جديد حول الاطروحات الدينية، ولذلك أتمنى ان تكون أطروحاتنا قريبة الى فكره من دون أن نصبغها بصبغة دينية، حتى نستطيع ان نصل الى نتيجة لقاء، اذا وصلنا الى اللقاء ممكن في ذلك الوقت ان نستند الى الدين.
 بعض الباحثين، يرى أن القرآن الكريم أخذ من الاساطير اليهودية وأعاد صياغتها، يفكرون بهذا الشكل، وإذا اعتبر القرآن الكريم اساطير فكيف سأنقاشه،  لابد ان اثبت له أولا ان الأديان حقيقة وليست خرافة، ولكل دين خصوصية، وهي ليست عملية اكتساب دين من دين آخر، اذا اوصلته لهذه الحقيقة ممكن ان أتكلم معه في الاسلوب العام الذي أتكلم به مع الآخرين، ممكن ان نصل الى زعزعة موقفه ليس عندهم الثبات الذي يدعونه موقفهم تعصبي وليس عقائديا، سرعان ما يتخلون عن مواقفهم الحساسة، يريدون ان يعوضوا خسائرهم. 
- اشعر انك تريد ان تقول: ان العلماني هو غير سوي، المحاورات التي تجري في مهرجانات ربيع الشهادة والرسالة وبقية المهرجانات في العتبة العباسية المقدسة تطرح نقاشات من صلب الموضوع، في حال أرى العلمانيين لديهم أشياء مبيتة تعاد في كل محفل ومؤتمر وجلسة هي هي حتى صرنا نتوقع ما يطرحون؟ 
  أحسنت، بالتأكيد، لكننا لا نقدر أن نقول له انت غير سوي؛ لكونهم سيتحسسون من الكثير من الكلمات، نقول العلماني له تفكيره الخاص، وعلينا أن نتنامى معه لنحتويه؛ لأن العلمانيين لا يمتلكون المرونة الفكرية، برامج معدة مسبقاً يسيرون عليها وعددها قليل جدا بحيث لا يمكن لها استيعاب المتغيرات الموجودة حاليا، ولهذا يتعصبون لا يستطيعون أن ينفتحوا اكثر، ليست لديهم سعة فكرية.
- مشكلتنا ان ارثنا المعرفي أرث اهل البيت (عليهم السلام) اكبر منا، هل نحن عجزنا عن احتواء الإرث المقدس أم علينا ان نتنازل عن بعض هذا الإرث؛ لكي نتساوق مع المتطلبات الانية؟
 الخلاف السياسي الأول الذي حدث بين مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) وبين المدارس الأخرى، بدأت بعملية منافسة، هي المنافسة بين مذهب اهل البيت (عليهم السلام) وبين المدارس الأخرى، بدأت عملية منافسة، مذهب اهل البيت اعتمد على 90%على مسائل أصولية ثابتة ودخلت نتيجة الاندفاع 10% غير ثابتة والآخر اعتمد 10% قضايا غير ثابتة، و10% قضايا ثابتة، ضاعت بين عدم الثبات نحن مذهب أهل البيت نستطيع ان نتخلص من غير الثابت؛ لكونه لا يؤثر على منزلة اهل البيت (عليهم السلام)، وهناك خلط مذهبي لمدارس لها مسميات قريبة عن انتمائنا، ولها طقوس حسبت علينا زوراً وبهتاناً، والحسين (عليه السلام) هو اكبر من كل القضايا. 
- كيف سنتساوق وعندنا الحسين (عليه السلام) بما يمتلك من قدرات العصمة لديه فكر رسالي، وفكر إلهي، كيف نعادله بجيفارا او غيره مثلاً؟
 في كتابي عن الامام الحسن العسكري (عليه السلام) رأيت لديه معجزات كثيرة، تجاوزت عنها ليس لعدم اعترافي بها، لكني رأيت انها لا تضيف لهذه الشخصية العظيمة. 
- المشكلة انا ورثنا واقعة مأساوية وردت تفاصيلها من شهادات الخصوم انفسهم، اليوم هناك دبلجة تضاف من النواصب لتشويه وإهانة الشعائر الحسينية، نحن اليوم نفكر في مسألة أعمق نسعى من خلالها الى تجفيف منابع الفكر الإرهابي؟ 
 الحروب سابقا كانت بإدارة السيف، التوجه المعاصر للفكر العولمي ركن السيف على جهة بدأ بالحرب النفسية هي التي تجعل الشعوب تنهار، العراق، سوريا، ليبيا، اليمن، هذه جميعها مدعومة من الماسونية، ومن القوى العظمى التي استعاضت بالفكر عن السيف وهي التي تمد الإرهاب، على مستوى العراق، نجد البترول والكبريت والفوسفات واليورانيوم القار اضافة للزراعة، بعد الرجات التي حصلت العالم يريد ان يمسك المفاتيح بيديه، لذلك لابد ان يخلق فكرا يبثه بيننا، لذلك الفكر الإرهابي لا ينتهي إلا بالتماهي مع فكر الشباب، تحديث الخطاب، وإبعاد الخطاب المأزوم المشدود والخطاب الحدي دون ان نتنازل لأحد عن ثوابتنا، نستعمل الكلمة الناعمة؛ لكي نحصنهم من الانجراف، اجعل الشباب يتفاعلون معنا؛ لأن هناك ربما صفحات مستقبلية لا نعلمها وآخرها استفتاء كردستان، لماذا جاء الاستفتاء في هذا الوقت بالتحديد..؟
 الإرهاب عندي هو كل عمل يحاول ان يخلق أزمة مع الآخر، سأروي لك حكاية احدى فصائل الحشد الشعبي رفعت هذه الوحدة راية حسينية على سارية الكنيسة اشتعل الفيسبوك، عندما رأت هذه الوحدة هذه الاعتراضات الاحتجاجية أنزلت الراية، هذا النزول أثبت للعالم ان نزول الراية ليس استسلاما للراية بقدر ما هو كبرياء لها، ونحن لا نريد ان تعرض ازمة، وانما انتم أيها المعترضون من تريدون خلق الازمات، نحن بعيدون عن السلطة، وكانت الحرب ضدنا متنوعة الأساليب منها حاولوا توجيه جماعات لبث فكر مزيف على أساس انه لأهل البيت (عليهم السلام)، فنحن لا نتنازل يوما عن اصالتنا، لا نتنازل عن ثوابتنا، لا نستطيع الغاء وجود الامام الثاني عشر (عجل الله فرجه الشرف) نخل بنظرية الامامة كلها هذا ثابت نحن نتحدث عن تنقية ما ادخل الى المذهب عبر تلك الجماعات. 
 - نتحدث كثيرا عن الآخر واحتواء الآخر ومحبة الآخر، في حال هو لا يريد ان يرانا، فكيف نحتويه وهو لا يجلس على مائدة حوار، لا يعترف بمذهب لا يريد ان يتحاور على مسألة حتى المحاورة يعتبرها مؤامرة على دين اهل الجماعة، كيف سنتحاور؟
  "شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا"، لذلك نحن لا نؤمن بالتبشير، ما ذهب فريق لكسب السنة الى التشيع؛ لأننا أهل فكر، العقل جزء من احكامنا الشرعية، استنباطاتنا الشرعية العقل هم يستخدمون القياس ومن خلال العقل ممكن ان نصنع أشياء كثيرة علاقات على الفيس مع شخصيات عالمية مهمة أعلنت تشيعها عبر الحوار، وإذا بهم بعد ذاك التشدد يطلبون منا الدعاء تحت قبة سيد الشهداء (عليه السلام).
 كاتبة من المغرب ومن تطوان شجعتها ان تلتزم في مظاهر هذه المدينة رغم تشيعها، استغربت عندما فضلت مجتمعها على مجتمعات الخمر والتيه، علمتها انهم ملتزمون رغم الاختلاف في فهم الإسلام الحقيقي، لابد من التحاور والمجاملة التي لا تمس الثوابت.
- يرى بعض المفكرين أن عجز المنظومة الفكرية على التعايش الاجتماعي والإنساني يرفع من درجة جلد الذات؟ 
  يقال ان الهدهد حين غاب عن سليمان سأل عنه فلم يجده، قال: والله لأعذبنه عذابا لم يعذب به احد، سأله وزيره: وهل هناك عذاب لم يعذبه احد في التأريخ قال:ـ لأسجننه مع غير جنسه..! المفكر يعيش مع غير جنسه، ومن هنا تأتي مأساة التأريخ، ويأتي جلد الذات كأنه يريد ان ينتقم فيؤذي نفسه لا يؤذي المجتمع. 
- المشكلة انهم يعملون على نفس الجذور التي نعمل عليها، لكن لديهم النص يسير على حساب المساحة المخصصة للحوار؟
الفكر السياسي العربي كان موجوداً قبل الإسلام استطاعوا ليتعايشوا مع المجتمع، تعرضت مكة لأزمة مالية كبيرة، تحرك عمر بن اللحي وهو تاجر، واقنع اهل الجزيرة كل واحد يأتي برب قبيلته الصنم الذي يمثلهم ويضعه في مكة؛ لتكون تلك الاصنام بفترة قصيرة استطاع ان يجمع 360 صنما، بدأت الوفود من كل الجزيرة العربية تأتي مكة بعدها صارت القوافل، رجع عمر بن اللحي ذلك التاجر الذي يتحكم بالمال والأحداث.. اذن، السياسة كانت موجودة، وبعد هذه المرحلة برزت أدوار كثيرة ومن ضمنهم الامويون، ابو سفيان، معاوية، هؤلاء في سياستهم حاربوا الإسلام لغاية 5 هـ في حساباتهم انهم سينتصرون، وعندما وجدوا ان موقف الإسلام سينتصر، غيروا منهجهم، ولم يغزوا ولم يحاربوا النبي (ص)، وحين جاء عام الفتح طرحوا أسماء سماهم النبي (ص) الطلقاء، وبعد وفاة النبي (ص) يترك جثمانه في بيته يومين بلا دفن وهم منشغلين بسقيفة بني ساعدة، ليتبايعوا على حكم الامة..!
 هؤلاء السياسيون بعدما سيطروا على حكم الامة، وجدوا أن هناك قاعدة شرعية تدعمهم، الدين يقول: إن الإمام علياً (عليه السلام) هو الخليفة، تجاوزوا على علي بن طالب (عليه السلام)، وبدأوا يبحثون عن الشرعية، وهذه الشرعية أدت الى توظيف كادر كبير جدا لسلخ العقيدة من جوهرها، وإعادة صياغتها، وتسويقها للناس على أساس انها الإسلام.
 في سنة 41 هجرية بدأ تسويق الإسلام السياسي وليس الإسلام المحمدي، الإسلام المحمدي حجر عليه، بدأ الإسلام السياسي هو يقود الأمة، احتاج هذا الإسلام الى إعادة تفسير الايات القرآنية بما يتناسب مع منهجيته ومفهومه ورؤاه، والأحاديث النبوية حرفت الصحيحة، فنحن نحتاج اليوم اعادة ونشر اثر النص المقدس، لكن ليس الذي صنعته السياسات، بل اثر النص المحمدي الرسالي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صدى الروضتين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/21



كتابة تعليق لموضوع : لقاء مع مثقف.. الدكتور صالح الطائي: "نحتاج اليوم اعادة ونشر أثر النص المقدس، لكن ليس الذي صنعته السياسات، بل اثر النص المحمدي الرسالي"
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net