حاول الكثير من علماء الدين السنة والشيعة تأسيس مقاربات منهجية لا نقول أنها استطاعت أن توحد المذاهب الإسلامية لكنها بالتأكيد استطاعت أن توحد مشاعرهم وغاياتهم فهناك الكثير من العناوين الشاملة بين تلك المذاهب كالإنسانية والدين والوطن بينما يحاول الطائفيون تغييبها وعدم الإفصاح عنها ليشددوا من منفلقات تخلفهم ما يعزز الفرقة بين تلك المذاهب دون أن يقفوا عند حرفية كل انحراف على أنه تكوين خاص يمثل إنسانية المنحرف لا جهة انتماؤه المنحرف لاجهة انتماؤه العشائري أو المذهبي أو الوطني فالسارق سارق في كل الهويات.. وتلك جزئيات مهمة في عملية صنع التوافق العام- علينا أن ننتبه إليها كي لا نساعد الآخرين على التمادي في طائفيتهم- ليس وراء كل شيء يحدث عميل مخابراتي إيراني أو وهابي ينتمي إلى القاعدة، فلنساعد بعضنا كي لا نكون من الآخر حاضنة لجهة ما تسعى لمثل هذه الفرقة والتنافر وخاصة أننا نعيش ظرفاً خاصاً تكاثرت فيه الأحزاب والتكوينات الساسية التي صار ديدن بعضها لبوس الدين فانحرفت نحو تشكلات مظهرية تخالف جوهر التكوين وصولاً إلى غاياتها، وجربنا العقود الماضية كيف كان النظام المنهار يلجأ إلى شعارات الدين عند كل مخاض حرب وما هو إلا طاغية منحرف لا يحق لأحد أن ينسبه إلى مذهب من المذاهب الإسلامية وهكذا ذيوله من الساقطين بل هم زمر من الخسة والنذالة يقودهم فكر ماسوني غير مسلم وإذا أردنا اليوم أن نقلب صفحات التاريخ فعلينا أن ندرك أولاً أن كل من انحرف عن رسالة محمد(ص) هو لا يمثل مذهباً من المذاهب الإسلامية بل يمثل نفسه فقط فمعاوية ابن ابي سفيان لم يكن يحمل هوية إسلامية بل هو تاجر ارستقراطي مهووس بالحكم والسلطة، حشد جمع من المنتفعين المنحرفين على مائدة حرامه ويقتل كل من يعارضه دون التحقق من انتمائه المذهبي وبنو العباس ليسوا بشيعة رغم أنهم حملوا راية الإمام علي (ع) ولكنهم ما أن ملكوا حتى قتلوا ذرية علي أمير المؤمنين- فهارون الرشيد طاغية لا يمثل إلا نفسه ولا ينتمي إلى مذهب من مذاهب المسلمين وبهذا نصل إلى نتيجة مهمة أن أي انحراف سياسي لا يمثل بانحراف مذهبه عن الصراط، فلنتعامل مع الأشياء بحقيقتها فتلك الحقائق كفيلة أن ترسم لنا عراقاً موحداً دون صراعات طائفية تشوه معالم غده المشرق.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat