في رحاب القرآن << هدى الله ، ومعيّته للعاملين >>
الشيخ محمد مهدي الاصفي (طاب ثراه)
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ محمد مهدي الاصفي (طاب ثراه)

إنّ طريق الدعوة إلى الله تعالى طريق عسير صعب ، وليس في مسالك الإنسان طريق أصعب وأشق منه ، والذين تساقطوا على هذا الطريق أو تخلّفوا عنه ، أو ضاعوا وتاهوا ، كثيرون ؛ لم يتمكّنوا من مواصلة السّير على الطريق رغم استقامة الطريق ووضوحه .
والعاملون على هذا الطريق من الدعاة إلى الله يتعرّضون كثيراً لمتاعب الطريق ومخاطره ومزالقه ، وأكثر ما يحيط العاملين في سبيل الله والدعاة إلى الله من مخاطر ومتاعب في هذا الطريق اثنان :مخاطر الضياع والضلال والتيه .
* ومخاطر التعب ، واليأس ، والخوف ، وإيثار العافية وحب الدنيا ، والتقاعس والتخلف .
وهذان النوعان من المخاطر يحفّان طريق الله والدعاة إليه تعالى ، وقلّما ينجو أحد ممّن يعمل في سبيل الله ، ويدعو إليه ، من مثل هذه العوائق النفسية .
ولولا رحمة من الله تعالى : ( وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) ، [ العنكبوت : 69
الذين يجاهدون في سبيل الله ، ويعطون من أنفسهم وذويهم وأموالهم لله تعالى ، يعينهم الله تعالى في أمرين :
1ـ الدلالة والهداية ، والبصيرة ، والوعي ، والفقه ، والتمييز بين الحقّ والباطل .
وهذه هي المنحة الإلهية الأُولى ، ولولا أنّ الله تعالى يرزق المجاهدين من عباده ، بصيرة في دينهم ، وهدى ، ووعي ، وفقهاً في الدين ، لتاه من هؤلاء الكثيرون في متاهات الطريق والمسالك .
2ـ التثبيت والدعم والتطمين والتأييد ، وطريق الدعوة إلى الله تعالى محفوفة بكثير من التثبيط ، والإنسان العامل يواجه على طريق ذات الشوكة هذه العوائق التي تعيق تقدمه كثيراً .
ومن هذه العوائق ( الخوف ) و ( حب الدنيا ) و ( إيثار العافية والراحة ) و ( اليأس ) و ( قصر النظر ) في العمل و ( الكسل ) و ( ضعف النفس ) و ( الشحّ ) .
هذه العقبات هي أسباب تخلّف الناس وتساقطهم أثناء الطريق ، والشيطان يعمل أوّلاً : لتضليل العاملين وإيقاعهم في الغواية والشك والضلال ، فإذا تمّ له تحقيق هذه الغاية فقد حقق كلّ ما يريد ، وإن لم يتوفق في ذلك ، بدأ بالدور الثاني ـ من مهمّته ـ : بإلقاء اليأس ، والخوف ، والضعف ، وحبّ الدنيا ، وإيثار العافية في نفوس العاملين .
وإذا قدِّر للدعاة إلى الله النجاة من الشَرَك الأوّل للشيطان فإنّ الشيطان يمدّ
لهم الشرك الثاني في هذه المرحلة ، وقليل من العاملين من يستطيع أن يجتاز في هذه المرحلة ( عوائق الطريق ) ويمضي مستمراً في سيره ، متكلاً على الله القوي العزيز .
وإذا كان الداعية يحتاج في المرحلة الأُولى ـ لاجتياز التضليل ، والتعميه ، والتلبيس ـ إلى هدىً وبصيرة من الله تعالى ، فإنّه يحتاج في المرحلة الثانية ـ لاجتياز العوائق ـ إلى دعمٍ وتثبيتٍ من الله تعالى ، وإلى معيّة الله عزّ وجلّ المستمرّة له عند كلّ منعطف ومَزلق في الطريق ، وأَلاّ يَكِله الله تعالى إلى نفسه طَرْفَة عين ، فإنّ الله عزّ وجلّ إذا أوكل عبده إلى نفسه طَرفة عين كان من الهالكين والساقطين
الشيخ محمد مهدي الاصفي
في رحاب القرآن
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat