كيف نصلح علاقتنا مع الله عز وجل ؟
السيد زين العابدين الغريفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد زين العابدين الغريفي

كلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون .. فالذنب عندما يقع من الانسان يؤدي إلى ابتعاده عن الرحبة الالهية وبالتالي يفقد العلاقة مع الخالق عز وجل ليصبح الانسان تائهاً غريباً ليس له راعٍ كما لا هدف له في هذه الحياة فيكون عالة على المجتمع بل يؤثر سلباً في حركته عليه .
ومن هنا يمكن ان ندرك حِكَمْ بعض العبادات كالصلاة اليومية اذ تصل المخلوق الضعيف بالقوي المطلق فهي بمنزلة الرباط الوثيق الذي يزيل كل الفوارق بينهما لينظر الانسان مباشرة الى خالقه ويتأمل الحقيقة بنور البصيرة ويبتعد عن كل الشهوات والملذات الزائلة ونحوها من توافه الامور .
ولذا فان هناك بعض الخطوات التي ينبغي علينا فعلها لتقربنا الى الله سبحانه وتعالى بعدما فرقتنا الذنوب عنه وابعدتنا عنه الآثام وهي :
أولا : ذكر الله سبحانه وتعالى في كل وقت ، في السر والعلن ، في السراء والضراء فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال : ( من سَرَّه أن يستجابَ له في الشدة ، فليكثر الدعاء في الرخاء) ، ونبتعد عن كل ما يشغلنا عنه ويشغلنا عن ذكره ، قال تعالى : [يَا أيُّها الذِينَ ءامَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أمْوَالُكُمْ وَلاَ أوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ] .
وذكر الله سبحانه لا يكفي دون الالتزام بتعاليمه بتخلية النفس من كل الرذائل والفواحش وأهمها ترك المحرمات وتحليتها بالفضائل وأهمها الالتزام بالواجبات .
ثانياً : الاكثار من الاستغفار والندم والتوبة الى الله سبحانه ، فقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال : [ثلاث لا يضر معهن شيء : الدعاء عند الكرب والاستغفار عند الذنب والشكر عند النعمة] ، وهذا مما يجدر على المؤمن والمؤمنة فعله .
ثالثاً : الابتعاد عن زخارف الدنيا وزينتها والاتجاه الى الآخرة والعمل لها بكل الوجوه ولذا ورد : [ان الدنيا مزرعة الاخرة ..] ، فان الدنيا دار سفر لا دار مقر ومما ورد : [الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها] ، فالإنسان مهما عمّر في الدنيا فإن له مصير محتوم ، لينتقل الى عالم آخر ولا ينتقل معه الا عمله ، فالعاقل من يستثمر كل طاقاته لحجز مقعده في الآخره ، وبناء منزله في الجنة ، لان الزرع الجيد الخالي من الشوائب والادران ينتج ويثمر بخلاف من ضيع حياته في ملذات الدنيا وتوافه الامور ، قال تعالى: [بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى] .
ولهذا أكد الباري عز وجل على زوال هذه الدنيا بقوله تعالى: [اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ] .
رابعاً : طلب العون والتسديد من الله سبحانه وتعالى في كل فعل تقوم به لتكون على اتصال دائم بينك وبين خالقك ، واجعل نيتك في كل فعل تقوم به التقرب الى الله تعالى ، فالخروج من البيت للذهاب الى الجامعة لطلب العلم مثلاً أمر حسن واذا اقترن بقصد القربة فهو أحسن اذ به يحصل الانسان على الثواب الدنيوي والاخروي ، وهذا مما لا جهد فيه .
خامساً : ان ندرك ونعي الغاية من خلقنا وهي (العبادة) وهي لا تتم الا اذا اقترنت بعمارة الارض بالعمل الصالح ونشر الخير ومنع الفساد ، وعمارة النفس واصلاحها مقدمة لإعمار الارض وإنماءها .
وهذا يقتضي الموازنة بين العبادة والعمل في حدود المعروف فلا ينبغي للإنسان ان يتجرد عن كل القضايا الدنيوية بحجة انها زائلة وينكب على العبادة ، ولا ان يتجرد عن المبادئ والقيم الإلهية بحجة الانشغال بالعمل الدنيوي وطلب العيش فالقرآن الكريم يثبت لنا منهج الوسطية والاعتدال فيقول تعالى : [وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ] .
ولهذا لم يترك الله سبحانه الخلق هملاً دون ارشاد أو توجيه فبعث اليهم الرسل والانبياء والاوصياء (صلوات الله وسلامه عليهم) لينتشل الخلق من الضلال ، وهذا من رحمة الله تعالى وعنايته بنا وشدة اهتمامه فعلينا ان نكون على قدر هذا الشرف فنلبي النداء ونجيب الدعاء .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat