قد لا تنحصر عملية المونتاج على الأفلام التي تصور وتظهر فيها بعض الأخطاء الفنية الغير لائقة لتظهر للمشاهد بشكل مناسب بل قد تتعدها إلى عمليات مونتاج لقضايا وأحداث متعددة، منها عملية منتجة التاريخ وفق رؤية خاصة تلائم وطبيعة القائم بهذه العملية لإشباع رغبة ما أو للي عنق الحقيقة القائمة أو لتضليل المشاهد .
ويبدو أن عملية مونتاج التاريخ هي نفسها عملية أعادة كتابة التاريخ ، حيث تقوم مؤسسات وحكومات بإعادة كتابة التاريخ ، تاريخ الشعوب أو الأشخاص أو الحركات السياسية أو تاريخ الثورات، لتعطي لنفسها مساحة في صنع هذه الأحداث ،لغرض ألزام الأخر بالفضل أو الإساءة له أو المديونية ، وتتسابق هذه المؤسسات والحكومات على سرقة العناوين والأحداث وإظهارها بشكل يعطي انطباعا واضحا ومقنعا بأحقيتها وصدق مدعاها ، وهذا ما عاناه العراق بصورة خاصة من هذه المؤسسات والحكومات ولا أريد أن ادخل في تفاصيل فنية معينة لما تبثه القنوات المعروفة ضد العراق لغرض النيل منه والتقليل من شانه والانتقاص من مواقفه الوطنية وثوراته وانتفاضاته ضد ألدكتاتوريه .
فأحداث عام 2003 عندما عزمت الولايات المتحدة إسقاط صدام لم تكن وليدة اللحظة بل أنها احتاجت إلى عشر سنوات سابقة لغرض القيام بهذا العمل ، وهو ما بادره الشعب العراقي بانتفاضته في 2/3/1991م، وما ألانتفاضه إلا تحصيل حاصل للهزيمة التي مني بها الجيش العراقي عند خروجه من الكويت ، وهذا ما يطرحه الشهيد الصدر الثاني من قانون تعاقب الأجيال (وتلك الأيام نداولها بين الناس ) ،فحاجة أو نتيجة السنوات العشر الماضية هي أحداث هذه السنة وجهد وعمل السنوات العشر القادمة هي ثمرة للعشرين سنة القادمة، ولذلك لا يمكننا أن نعمل مونتاج للتاريخ ونأخذ منه مقاطع معينة دون أن نتسلسل في قراءتها دون تمييز أو حذف أو قص، وهذا ما سينعكس على أوضاع العراق القادمة فسنوات ما بعد 2003 أي سقوط النظام إلى عام 2012 م بحلوها و مرها هي عمل وزراعة للعشرة القادمة من السنوات وهي نتيجة حتمية للسنوات السابقة سواء كانت بالخراب أم بالأعمار .
أما ما تنتجه القنوات التلفزيونية من مسلسلات تاريخية مزورة ومحرفة للتاريخ كمسلسل الحسن والحسين الذي صرف عليه أموال نفطية طائلة فهو واحد من عشرات عمليات المونتاج التاريخية التي تحاول أن تلمع صورة مجموعه من القتلة والطغاة واللقطاء مقابل زرع الله ونوره ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون .
وإنا لله وإنا إليه راجعون
احمد البو عيون
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat