صفحة الكاتب : نوفل ال صياح الحمداني

الوحش كورونا وازمة الاقتصاد العالمي
نوفل ال صياح الحمداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بالرغم من ان العالم المعاصر وبفعل الصراع من اجل الوجود تحول الى غابة، القوي فيها يلتهم الضعيف، وفق قانون الغاب الذي شرعه الاقوياء. 

بغفلة من هؤلاء اخترق الغابة البشرية وحش لايرى بالعين المجردة وانتشر بين الاقوياء قبل الضعفاء فاحدث فوضى عارمة غيرت مسار واستراتيجيات الاقوياء للبقاء كقوة مسيطرة وللتصدي لهذا الوحش المبهم المدمر الذي لاتنفع  الاسلحة اللوجستية في القضاء عليه، ولم يكتفي هذا الوحش في خلق الفوضى والانهيارات التعاقدية في العلاقات الدولية، بل وجه ضربته الى قلب العالم، ومنبع استمرارية حياته وتطوره؛ الى شريانه الحيوي الاقتصادي، فانهار اقتصاده واضطربت اسواق عملاته وانخفضت اسعار ثرواته النفطية واحدث شللاً في حركة المجتمعات فالكل اصبح في سبات تنموي واقتصادي ويستمر تأثيره في الاقتصاد العالمي بشكل قد يعيد العالم إلى معاناة تشبه تلك التي كانت قبيل الأزمة المالية 2008، حين كان  العالم مُثقلاً بالديون، بخاصة أنه بدأ هجمته في الصين التي كان  لها أثر كبير على اقتصاد العديد من الدول، ثم انتشر وتفاقم عكسيّاً مع تضاؤل الاقتصاد  العالمي  بشكل اعظم مما كان عليه في القرن الماضي اذ كانت حالات الركود دائماً ما تبدأ بفترة متواصلة من ارتفاع أسعار الفائدة، لكن هذه المرة ضرب الوباء الوحش  الاقتصاد العالمي المثقل بمستويات قياسية من الديون. وواصلت أسعار النفط الخام هبوطها إلى أدنى مستوياتها منذ يناير/كانون الثاني 2016، مدفوعة بارتفاع وتيرة التخوفات العالمية من تفشّي فيروس كورونا وتبعاته الاقتصادية على الأسواق.يأتي ذلك فيما أعلنت السعودية عزمها زيادة صادرات النفط الخام خلال الفترة المقبلة إلى اعلى من 10 ملايين برميل يوميّاً، مقارنة بمتوسط 7.3 مليون حاليّاً، بما يهدّد بتخمة في المعروض.ومن خلال انخفاض او ضخ البترول السعودي فان العراق لا مصلحة له بالبقاء ضمن منظومة اوبك العجوز التي اصبحت سمسارا لذَل اعضائها اضافة الى ان العراق الذي يعتبرثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك بعد السعودية، وينتج في المجمل نحو 4.5 ملايين برميل يوميا. ويعتمد  في ايراداته المالية السنوية على تصدير النفط بنسبة تصل 97 بالمئة، ولكن بسبب حكوماته  المتعاقبة منذ 2003المتهرئة الفاقدة للاهلية وبسبب الجشع واقتصاديات العالم المنهارة  لم يتمكن  من  توفير المصدات الطبية والصحية والبيئية للوقوف بوجه هذا الوحش القاتل كذلك عدم الايفاء بتنفيذ حزمة التشريعات القانونية المؤدية الى تفعيل الجانب الصناعي والزراعي والتجاري وبناء اقتصاد متين يتصدى للازمات الطارئة والمفاجئة ويحمي الشعب العراقي من المعاناة والموت المحقق، وفي  الشرق الأوسط فقد نزلت معظم البورصات إلى مستويات متدنية جديدة لعدة سنوات، إذ نال تنامي القلق من وباء فيروس كورونا من المعنويات ولا يختلف الأمر في أوروبا، إذ قال وزير المالية الفرنسي برونو لومير إن بلاده ستضخّ 45 مليار يورو، أي ما يعادل 50.22 مليار دولار، في الاقتصاد من خلال إجراءات طارئة لمواجهة الركود الاقتصادي ولمساعدة الشركات والعمال، في الوقت الذي يُتوقَّع فيه أن ينكمش الناتج الاقتصادي 1% هذا العام بسبب تفشِّي هذا الفيروس الوحشي.
وبسبب الضغط المفاجئ على المالية العامة ستُضطرّ الحكومة إلى تمزيق خططها لميزانية 2020.
إن انتشار كورونا قد جاء في ظل أجواء، كان فيها الاقتصاد العالمي ليس في أحسن أحواله. فهذا الاقتصاد الذي أنهكته الحروب التجارية والتلاعب المالي والنقدي كان يسير لإحراق نفسه حتى دون هذا الوحش كورونا اذإن الاقتصاد العالمي الآن يواجه مخاطر عدة أقلها الكساد. نعم لقد تبدل العالم منذ عام 1945 وحتى الآن فجبابرة العالم لم يعد الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في المرتبة  الأولى بل  برزت الصين التي أصبحت القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد أميركا والأولى من حيث القوة الشرائية لعملتها اليوان. ولذلك، فإن الصراع الاقتصادي بين أقطاب النظام العالمي كان على أشده في عام 2019 وذكرت محطة فوكس نيوز التلفزيونية أن الفيروس الذي نشأ في معمل في ووهان، ليس كسلاح بيولوجي وإنما كجزء من سعي الصين لإظهار ان جهودها لرصد ومكافحة الفيروسات تكافئ أو تفوق قدرات الولايات المتحدة كقوة استراتيجية اقتصادية في العالم   ،فتغلب الصين على الجائحة، أعطاها أوراقاً إضافية ما كانت تملكها أثناء الحرب التجارية التي دارت بينها وبين الولايات المتحدة خلال العام الماضي. فالصين اليوم هي من تتصدر مقاومة انتشار فيروس كورونا في العالم، وتحصد انظار دول العالم في طلب المساعدة لمكافحة هذا الفايروس.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نوفل ال صياح الحمداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/17


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • زهدٌ وكرامة في زمن الفساد والانحطاط  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : الوحش كورونا وازمة الاقتصاد العالمي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net