الأخذ بالاسباب مع التوكل على الله تعالى
الشيخ مازن المطوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تكشف الأزمات لا سيما تلك التي تتمثّل في الأوبئة والأمراض، عن وجود طيف من الناس لا يفهمون الحياة، ويحملون في الوقت ذاته تصورات مغلوطة ومشوّهة عن الدين لا يمكنها أن تماشي الحياة، وأن تقودها إلى برّ الأمان والسلامة وفق نظام الأسباب والمسببات.
يمثّل الاعتماد الكلّي على نظام الأسباب والمسببات دون التوكّل على الله، ودون الاعتقاد بكونه المؤثر الحقيقي في عالم الوجود، خللاً في اعتقاد الإنسان؛ لأن التوحيد ليس كلمات جامدة أو تصورات مركونة في ذهن الإنسان، وإنما للتوحيد جانبه العملي، فلا بد أن يكون للإيمان بالله تعالى وحاكميته المطلقة حضور عملاني في حياة الإنسان، فالتضرّع والدعاء والتوكّل على مَن بيده قبضة الوجود ضرورة إيمانية توحيدية، فحتّى حين نأخذ العلاج وحين نراعي قواعد الصحة، نلجأ إلى الله تعالى في أن يكون فيهما الشفاء ونتوكّل عليه ونحن نقوم بكل هذه الأعمال، فهو المؤثر الحقيقي في عالم الوجود.
ومن جانب آخر، لا يعكس الاكتفاء بالاعتقاد دون الأخذ بنظام الأسباب والمسببات، ودون رعاية قواعد الحياة في الصحة والسلامة ، المطلوبَ الحقيقي للدين، بل هو مفهوم مشوّه عنه، إذ لا يريد الدين لنفسه أن يكون ذريعة يعلّق عليها الإنسان كلّ مشاكله الحياتية ويتدرّع بها دون الأخذ بما تفرضه بشرية الإنسان، ودون الأخذ بما يفرضه النظام التكويني في الأسباب والمسببات، بل يريد الدين من الإنسان أن يعقل ويتوكّل، وأن يأخذ بالأسباب الطبيعية والمادية ويرْقَب فاعلية الله وهدايته وعنايته؛ لأنه في نشأة محكومة بهذا النظام السببي الطبيعي.

الموضوع السابق التهويل في تعفير العتبات.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat