العوامل والمفارقات بين الخطاب الديني الاسلامي والمسيحي وأثره على المجتمعات..
سجاد الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سجاد الحسيني

بمناسبة عيد المسيح عليه وعلى نبينا واله الصلاة والسلام، احببت ان اسلط الضوء على اهم عوامل الخطاب الديني بين الاسلام والمسيحية وسبل التطور والنكوص،
تشترك الديانتان بأن لهم موسسات دينية يصدر منها الخطاب الديني وهذا الخطاب بشكل وباخر مسؤول عن بلورة سلوك الأفراد وفق مبدأ (الناس على دين ملوكهم)
عانت الديانة المسيحية من اضطرابات كبيرة واجلى صور العناء تمثل بالحروب الصليبية التي بدأت أواخر القرن الحادي عشر حتى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر (1096 - 1291)، والتي راح ضحيتها حوالي 3 مليون إنسان وابرز سمة لهذه الحررب هي النزعة الدينية حملت هذه الحروب شعار الصليب وكان الهدف منها السيطرة على الأرض المقدسة كبيت القدس وغيرها،
بعد هذا التاريخ الدامي وبعد الثورة الصناعية التي شهدتها أوربا استدرك الناس وحاولوا التخلص من هذا الحال الماساوي الامر الذي شكل عامل ضغط كبير ادى بنهاية المطاف الى ان تقدم الكنيسة اعتذارها بشكل رسمي واتخذت قرارها بعدم تدخلها بالشؤون السياسية واقتصارها على الطقوس الدينية فقط ،،،
هذه الانتقالة النوعية والتنازل لو جاز التعبير اعطى للناس فسحة وحرية في السلوك وتقبل الاخر وفق مبدأ الانسانية بعد ان كان التعامل وفق مبدأ الدين والمعتقد ،
منذ لك الحين وخطاب الكنيسة الديني اخذ يتطور شيء فشيء الى ان وصل الى ابهى صوره في عصرنا الحديث، وانعكس هذا الامر ايجابيا على نسبة كبيرة من المواطنيين المسيح وباتو يتميزون بسمة الإنسانية والمواطنة بغض النظر عن المعتقد فضلا عن التطور العلمي والتكنلوجي الهائل الذي شهده العالم في القرون الاخيرة فكان التركيز على العلم والوعي الحقيقيين بوصفهما العامل الحقيقي الذي يحد من الجهل والتخلف الذي يفتك بالمجتمعات ،
في مقابل ذلك في الجانب الإسلامي ورغم المحاولات الكبير التي قام بها علماء والفلاسفة المسلمين والحوزات الدينية ودور الافتاء ، الا انه لم تستطيع المؤسسات الاسلامية ان تحذو هذا الحذو وتخرج بخطاب موحد للأمة، ولم تقدم نموذج إنساني متزن يستطيع ان يستوعب الطوائف والملل، بل انشغلت كثيرا بالموروث دون النظر الى الحاضر والمستقبل ، وخير دليل على ذلك كثرة المساجلات والجدال في القضايا التاريخية ومحاولة كل طرف اثبات احقيته على حساب الطرف الآخر ،
هذه المعمعة اخذت ماخذ كبير في المجتمعات الاسلامية بصورة خاصة ونتج بسببها نزاعات وحروب دموية طاحنه بسبب التعصب الديني والعنصري وظهور الفرق التكفيرية والجماعات الارهابية والتطرف وصل الى اوجه بسبب الخطاب التحريضي والانانية والجهل ،،
رغم ان الموروث الاسلامي غني جدا بالمبادئ السامية الذي تحفظ كرامة الإنسان بوصفه خليفة الله تعالى في الأرض (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ)) البقرة 30، وباعتبار الإنسان يمتاز عن باقي المخلوقات بالتكريم الإلهي ((ولقد كرمنا بني ادم)) وكذلك دأب النبي الاكرم والائمة عليهم السلام على تأصيل المبادئ الانسانية وفق مبدأ الحقوق والواجبات وكان ابرز هذه التنظيرات قول امير الموحدين علي ابن ابي طالب عليه السلام : الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق،
ولم يكتفي الائمة والمصلحين بذلك بل عمدوا الى تطبيق هذه النظريات على ارض الواقع في فترة وجودهم فكان في عهد الامام علي عليه السلام المسيحي واليهودي وسائر الديانات والمعتقدات بين ظهراني المسلمين يقومون بطقوسهم بكل حرية ماداموا ملتزمين بالقانون والنظام العام،
رغم هذا كله لم يتمكن المتأخرين من قادة الامة ان يحتفظوا ويفتخروا بهذا الارث العظيم والحق ان الاخرين اخذوا هذه المبادئ وجعلوا منها منطلقا للحياة من خلال مايسمى بوثائق حقوق الإنسان العالمية وغيرها ، ورحنا نلهث وراء الجدل المفرغ الذي لا فائدة منه ولم يزيد المشهد الا تعقيدا،
ولا ننكر العوامل التي ساعدت على ترويج خطاب الكراهية الاعلام الموجه والبروباجاندا والتضليل والتجهيل، ليبقى الرهان الحقيقي والمصيري على تجهيل وتسطيح عقول المجتمعات ، فهم يراهنون على جهل الأمة وينبغي علينا ان نراهن على وعيها،، واختم بقول ذو معان عظيمة للمفكر الإسلامي د. علي شريعتي بقوله : ان العدو بكل مصاديقه واجنداته لايخشى من جسم الإنسان اذا كبر بل يخشى عقله اذا فهم..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat