شرط المصلحة في الدعوى الدستورية ..
سجاد الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سجاد الحسيني

من المبادئ الأساسية في الفقه القانوني لاقامة اي دعوى هو تحقق شرط المصلحة لرافع الدعوى اذ اصل الفقه الفرنسي قاعدة قانونية اخذت بها كل التشريعات وهي " لادعوى بدون مصلحة"
وقد عرف الفقه والقضاء "المصلحة" بأنها الفائدة العملية المشروعة لرافع الدعوى ،
وتحقيق هذا الشرط ركن اساسي من قبول الدعوى ونصت المادة السادسة من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل ( يشترط في الدعوى ان يكون المدعى به مصلحة معلومة وحالة وممكنة ومحققة ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي ان كان هناك ما يدعو الى التخوف من الحاق الضرر بذوي الشان ...)
ان لشرط تحقق المصلحة اثر كبير لوضع حد للدعاوى الكيدية وتخفيف الضغط على المحاكم وإشغال السلطات القضائية لذلك اخذت به جميع التشريعات القضائية بمختلف انواعها ...
اما مايخص تحقق هذا الشرط في الدعاوى الدستورية التي ترفع امام المحكمة الإتحادية العليا ، هنا يحصل خلاف في الفقه الدستوري فبعضهم يوسع دائرة المصلحة لتشمل افراد الشعب عامة وبعضهم يخصصها لمن يتاثر مركزه المالي او القانوني او الاجتماعي وهناك اشكالية اخرى حول صلاحية اعضاء مجلس النواب في رفع مثل هكذا دعاوى باعتبارهم ممثلين للشعب وان الرقابة تقع في صلب عملهم،
هذا الخلاف والتباين يثور لخصوصية هذا النوع من القضاء الذي يهدف الى تحصين القوانين وضمان سلامتها وعدم مخالفتها للدستور وهذا هو الفرق الجوهري بين القضاء العادي والقضاء الدستوري
ولعل المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد تأثرت ببعض الدول التي منحت الحق لأعضاء المجلس النيابي بالطعن بعدم الدستورية كما هو الحال في الدستور السوري لعام 1973 والدستور التركي لعام 1982 وقانون المحكمة الدستورية الكويتي لعام 1973.
ولكن المحكمة الاتحادية في نظامها الداخلي رقم (1) لسنة 2022 حددت هذه الصلاحية وحددت الفئات التي يحق لها الطعن امامها وقيدتها بشرط المصلحة وان يكون الطاعن قد تأثر مركزه المالي او القانوني او الإجتماعي بالقانون الذي يروم الطعن فيه ، كما منحت في ذات النظام الداخلي في المادة 19 الحق للسلطات الثلاث واعضاء البرلمان ...الخ بالطعن امامها وقيدته في نهاية المادة (ان يتعلق النص المطعون به بمهام تلك الجهات واثار خلافا في التطبيق) وهذا مايشكل عائقا امام اعضاء البرلمان ففي حالة وجود قانون يخالف كله او جزئه لنصوص الدستور لايمكن للنائب او المواطن الطعن بدعم دستوريته كونه غير ذي مصلحة بنظر المحكمة!
اما المادة 20 من ذات النظام الداخلي فهي منتقدة كونها ساوت بشرط المصلحة بين القضاء العادي والقضاء الدستوري وبما ان القضاء الدستوري له خصوصية كما نوهنا وان المغزى منه ضمان سلامة القوانين وعدم مخالفتها للدستور لذا يتحتم ان تتوسع دائرة من له الحق في الطعن ورفع الدعوى لان الغاية منه عامة وليس خاصة كما في الدعاوى المدنية الأخرى ،
لذا ذهب بعض الفقه الى ابعد من ذلك واجاز الطعن بمشروعات القوانين التي تخالف نصوص الدستور كما في الفقه الفرنسي باعتبار ان القوانين تنظم حياة عامة الناس بالتالي يمكن لاي مواطن ان يطعن بها امام المحاكم الدستورية وان كان ذلك يحتاج الى ثقافة قانونية
الا انه ياتي بفوائد كثيرة ويضع يد القضاء الدستوري على النصوص المخالفة للدساتير لذا من الافضل ان يعاد النظر بهذه النصوص لتعطي الحق لاعضاء البرلمان اقل تقدير للطعن امام المحكمة الاتحادية باعتبارهم ممثلين للشعب كما كان سابقا ففي حكم سابق قضت فيه بعدم دستورية قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (112) لسنة 2013( )، إذ قضت بان (.... دفوع وكيل المدعى (رئيس مجلس النواب / أضافة إلى وظيفته) انصبت بغالبيتها على عدم وجود مصلحة للمدعي في إقامة الدعوى فتجد المحكمة الاتحادية العليا ان المدعي وهو عضو في مجلس النواب ورئيس كتلة نيابية وهو يمثل مجموع الشعب العراقي .... وان القانون موضوع الطعن هو ليس طلباً شخصياً حتى يتطلب الطعن به وجود مصلحة خاصة للطاعن وانما هو قانون عام يخص المصلحة العامة فيكون الطعن بعدم دستوريته مسألة تخص العراقيين جميعا ويمثلهم نواب الشعب ومنهم المدعي استناداً إلى أحكام المادة (93/ثالثاً) من الدستور.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat