علي "ع".. حكاية الارض للسماء
شيروان كامل الوائلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
شيروان كامل الوائلي

ليلة 21 رمضان ليلة استشهاد علي "ع"
لم يلد الاسلام فتى ارتبط بدعوته ارتباط الروح بالجسد وعلاقة الارض بالسماء مثل علي "ع".. لذا ليس مستحبا ان يتناول المرء عليا دون ان يتحسس اثر الروح بالجسد والارض بالسماء واقعيا لكي يدرك ان هذا الفتى كان روح الجسد وسماء الارض!.
المروءة الانسانية تتطلب وتستدعي قراءة علي "ع" ودراسة شخصيته وتناول سيرته بما انطوت عليه تلك الشخصية من مزايا ومناقبيات واخلاقيات عالية وتفرد في شروط التربية والتصوف وفلسفة المعرفة على اساس الاسلام والانقطاع الى الله والاخلاص لمسيرة الحضارة الاسلامية الشاملة.
ليس كمثله شيء في الانسانيات البشرية , فهو السيف في مرحلة الدفاع عن الدعوة وهو الفدائي في فترة الفداء العظيم عن النبي "ص" ورسالته وهو الحاكم القائم بالعدالة والدعوة الى قيام حكومة الانسان وهو الذي حدد معادلة السلطة العادلة هذه المعادلة تطرح سؤالا في الحكم والحكومة وسياسة الناس على الذين يتحدثون باسم علي "ع" :
اين الجميع من تلك المعادلة بل اين الافعال المخالفة من ضفافها السابحة على صفحات الخلود ؟.
لازال بيت علي في الكوفة عاصمة الدولة الاسلامية المترامية الاطراف كما هو ينضح ترابية وتواضعا وهدوءاً وسلاماً وموئل ايمان .. وكيف لا ينضح هذه المزايا والمقيم فيه ابو تراب؟.
كان علي عليه السلام وسيبقى كلمة الانسانية العليا..
اين الجميع من مكان اقامة علي؟.
في حروب الدفاع عن الاسلام يسقط الشهداء ويبقى الايتام مشهدا سرمديا في عيون علي عليه السلام فيؤذن في مسجد الكوفة الفجر ويؤدي صلاة الراغب في ربه والتواصل مع امته ويتسلل الى بيت ارملة قتل زوجها في صفين فيجلس الى ايتامها ويضع لقمة حملها كيسه في فم طفل من اطفالها وهو يقول .. كل يا بني واجعل علي بن ابي طالب في حل منك يا بني !.
كان علي "ع" يطلب الصفح من طفل يتيم قتل ابوه في الحرب ضد معاويه .. ان يكون في حل منه!.
فكم من طلب الصفح من الاطفال لقتل ابائهم في حروب المحاصصة والمغالبة والهيمنة على قرار الدولة والثروة باسم علي؟..
كم من الحروب العبثية البينية خاضها " من ادعو الانتساب لعلي ضمن العشيرة والدين والمذهب والقومية " وكم خلفوا وراء ظهورهم من الايتام والارامل ..
كانت السلطة السياسية في نظرية علي عليه السلام ادارة حياة وحماية الجماعة الاسلامية الاولى والدفاع عن الانسان..
هل السلطة التي يديرها بعض مدعي علي ادارة حياة وانسان وحماية جماعة ام هي امتيازات شخصية وصراع من اجل المكاسب واستحصال مواقع باسم الجماعة والامة والمذاهب ؟!.
وهكذا يقف علي "ع" في منتصف الطريق عبر التاريخ بناءاً نورانيا شاهقا بين كمال النظرية وانحطاط سلوك الادعياء , بين طهارة الثقافة الرسالية التي دعا اليها وتربى في اوساطها ومناخها السماوي وبين مدعي الدفاع عن ثقافة الله!.
ولولا علي عليه السلام لما استطعنا ان نتحسس الفرق بين الحاكم المستبد والاخر العادل بين النور والظلمة بين المدعي والنظيف بين المخلص لدينه وعقيدته وبين الذين يجيدون الثرثرة العقدية فيقدمون انفسهم فرسان عقيدة وقادة فكر اجتماعي وانساني وهم لن يصلوا ضفاف علي ومفردات نهجه ولو بعد الف سنة مما يعدون وهم على نهجهم !.
علي "ع" هو الفارق ابد الدهر بين الظاهرة النقية المعصومة المتألقة في سماء الانسان وادعياء حملة المسؤولية الرسالية , وما اكثرهم في دنيانا هذه الايام!.
في ذكرى شهادة علي "ع", نستعيد قيم الحياة والاستمرار والوعي وبسالة الفرسان
وفي لحظة شهادته والسيف المرادي يهبط على هامته نزداد يقينا ان رجلا بهذه المهابة والهيمنة على فضاء الروح لن يموت بضربة سيف وان رجالا يدعون العلاقة بعلي ويتحدثون باسمه ويدعون الناس الى عناوينهم بعنوانه والولاء لمنهجه وسيرته لن يستمروا طويلا في التصريح بهذا العنوان لانهم لم يتوفروا على مزايا علي عليه السلام في الترابية والتواضع واحتمال هم الامة ولأنهم ليسوا قادة تعرضيين مثله .. ولأنهم ببساطة شديدة لم يستنشقوا يوما عطر علي !.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat