سأل الرجل زوجته، ما الذي يبكيك بحرقةٍ؟ قالت: العصافير تنظر إلي وأنا أغتسل، وقد يكون في ذلك معصية للخالق!
حمد الرجل ربه وشكره على عفة زوجته وسارع إلى الشجرة التي تقف عليها العصافير فاقتلعها. بعدها بأيام عاد الرجل إلى بيته مبكراً على غير عادته فوجد زوجته بين أحضان عشيقها، تركها وعشيقها والبلدة التي كانوا يعشون فيها وضرب في الأرض يبحث عن مكان يعيش فيه بعد الطعنة النجلاء التي تلقاها من زوجته، فدخل بلدة كان أهلها يتجمعون حول قصر ملكهم، فعرف الرجل السبب بعد السؤال إنهم كانوا يتجمعون حول قصر مليكهم؛ لأن خزينته سرقت والبحث جار عن السارق.
في هذه الأثناء لمح الرجل شيخاً قادماً من بعيد وهو يمشي على أطراف أصابعه؛ خوفاً أن يدعس نملة فيعصي الخالق، فصرخ الرجل من مكانه عرفت السارق!!وإن لم يكن هو فلك أن تأخذ رأسي قال الرجل للملك: الشيخ الذي يمشي على رؤوس أصابعه هو السارق، وبعد التحقيق تبين صدق حدس الرجل .
وماذا بعد تلك الحكاية لقد أخذ الرجل عبرة من تلك الطعنة؟ وحتماً لن يلدغ من الجحر ذاته ثانية .
ونحن في هذا البلد الذي طعن آلاف الطعنات ومازال لا يعرف غير ذات الجحر وذات الشيخ ونفس المرأة
اليوم لا يحق لنا أن نلعن الجحر الذي نلدغ منه كل مرة ولا الشيخ الذي سار على أطراف أصابعه ولا المرأة التي بكت لانتهاك العصافير عفتها المزعومة، اليوم يجب أن نلعن كل من يعاود الركون إلى ذات الجحر وكل من يسير خلف الشيخ ويصرخ باكياً "أريد أن أشم عطره وانتهل من نفحاته وأتبرك بلمس عباءته وأحظى بذرات من التراب الذي تطأه قدماه اليوم" سوف ألعن كل من يتذرع إلى الله أن ينكحه أمرأه تذرف الدمع كذباً؛ لأن العصافير انتهكت عفتها .
فإذا كان الشيخ قد خدعنا مرة بورعه المزعوم والمرأة بعفتها الكاذبة، فالأحرى بنا أن لا نخدع ثانية، وإلا استحققنا اللعن وأكثر.
لكن ما تمخضت عنه تجربة السنوات الست عشرة الماضية تقول إن الشيخ لم يعد بحاجة إلى السير على أطراف أصابعه في بلدنا بعد اليوم، ولم تعد المرأة بحاجة لذرف الدموع، فنحن قد سَوَّغْنَا للشيخ فعاله وسرقاته أعطيناه الحق للاستحواذ على المال العامِّ، وقلنا: الشيخ على حق دائماً وسرنا خلفه دون سؤال أو تمحيص وسَوَّغْنَا: فلا يعقل أن يقدم الشيخ الورع الذي يأبى أن يلاقي الله بجريرة دعس نملة على سرقة أموال الفقراء والأيتام والأرامل!! كلا وألف كلا، الشيخ الورع احتفظ بالمال لحكمة أراد من ورائها مرضاة الله، وحرصاً منه على مصلحة المحرومين والمهجرين وساكني بيوت الصفيح؛ احتفظ بالأموال في بنوك آمنة خارج البلاد والذي يظن غير ذلك فهو آثم! وكذلك آثم من يظن أن المرأة العفيفة ارتكبت الفاحشة، فهي لم ترتمِ في حضن عشيقها إلا؛ من أجل مصلحة نحن نجهلها قد تكون تطوير القطاع التربويِّ أو الارتقاء بمستوى التعليم العالي او القضاء على ظاهرة مدارس الطين أو تقليص نسبة البطالة وتوفير فرص عمل للخريجين .
أحسنوا الظن بالشيخ الورع والمرأة العفيفة !!!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat