صفحة الكاتب : د . حامد العطية

إثنتان وربما ثلاث جولات خسرتها أمريكا في حربها الإلكترونية مع إيران
د . حامد العطية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الحروب أنواع، منها الحارة والباردة، المعلنة والخفية، المباشرة وغير المباشرة، ونقرأ اليوم عن حرب إلكترونية بين امريكا وإيران.

    هي حرب بداها الأمريكيون، واجبرت إيران الإسلامية على خوضها، فالمبادأة لأمريكا، مما يجعلها أكثر حظاً في كسبها، فهل حدث ذلك؟

    من  أدوات التجسس الأمريكية الأقمار الصناعية، وهنا قد تبدو كفة أمريكا راجحة، مقارنة مع الدول الاخرى، ما عدا المتقدمة تقنياً، ومنها روسيا والصين، إذ لديهما أقمار تجسسية أيضاً، لكن إيران تفردت عن الجميع بدفاعها المتميز ضد أقمار أمريكا التجسسية، وتكشف جريدة الكريستيان ساينس مونيتور في مقال مطول منشور في عددها الصادر في 15 كانون الأول 2011م  بأن إيران أذهلت حكومة أمريكا ومؤسسات الغرب التجسسية بنجاحها في تعطيل قدرات قمر صناعي تجسسي أمريكي بواسطة توجيه شعاع ليزر بدقة فائقة، تلك كانت واحدة من الجولات التي ربحتها إيران بالضربة القاضية المميتة.

   بعد إعلان إيران سيطرتها على طائرة التجسس الشبحية الأمريكية (أركيو 170) تحداها "خبراء" امريكا وكتابها لتثبت القول بالصور، ولما نشرت الصور ادعوا بأنها مزيفة والطائرة مجرد نموذج مصطنع، حتى اقرت بذلك حكومة أمريكا، وطلبت من إيران إعادة الطائرة، فلم يبق مجال للشك بنجاح إيران في السيطرة على الطائرة بوسائل إلكترونية مكنتها من التحكم بها وانزالها على الأرض الإيرانية سالمة وسط حيرة ودهشة وغيظ أمريكا وحلفائها.

   يؤكد الخبراء بأن سيطرة إيران على طائرة التجسس الأمريكية انتصار فريد في تاريخ الحرب الإلكترونية، ودليل على امتلاك إيران تقنيات إلكترونية متطورة، ويكتب أحدهم بأن اختراق موقع أو منتدى على الإنترنت يتطلب اجتياز أربع أو خمس بوابات أو أسوار لمنع الاختراق، وبالمقارنة بذلك فإن اختراق النظام الإلكتروني الدفاعي لطائرة التجسس يستدعي اجتياز ما يزيد على مئتين وخمسين سوراً، والفشل في اجتياز أي منهم يؤدي تلقائياً إلى إعادة تكوين الأسوار الأخرى، وآنذاك يتوجب العودة إلى المربع الأول أو نقطة البداية لتكرار المحاولة من جديد، ولكم أن تتصوروا مدى صعوبة ذلك، فلو فشلوا في اختراق السور الاخير عليهم العودة إلى السور رقم واحد والبدأ من جديد.

    هنالك انتصاران سجلها حزب الله في لبنان ضد الكيان الصهيوني والمقاومة الشيعية ضد الاحتلال الأمريكي في العراق، والمصادر الغربية تعزو الفضل فيهما لإيران، (جريدة الوول ستريت جورنال في  18 كانون الأول 2009م) ولكننا سنكتفي هنا بالانتصارات المباشرة.

   أحصينا انتصارين عظيمين لإيران على أمريكا في الحرب الإلكترونية فهل من ثالث؟ في الثامن من تشرين الأول من عام 2011م نشرت مجلة بي سي المعروفة والمختصة بعالم الحاسبات الإلكترونية مقالاً عن حدوث اختراق لنظام الحواسب السري في قاعدة كريش للقوة الجوية الأمريكية بولاية نيفادا الأمريكية، والذي يتحكم بإسطول الطائرات من دون طيار، والتي تعتمد عليها في حربها بأفغانستان وغيرها، وتمت عملية الاختراق باستخدام فيروس كيلوجر keylogger، وهو  من نوع التروجان، ومهمته استنساخ الملفات الموجودة في نظام السيطرة، وقد اقر المسؤولون بالقاعدة بأن محاولاتهم للتخلص من الفيروس باءت جميعها بالفشل، فما أن يتم طرده حتى يعود من جديد، وقد تخوف البعض من أن تكون الأصابع الإيرانية وراء ذلك، إذن من المحتمل أن تكون تلك الجولة الثالثة الكبرى التي ربحتها إيران ضد امريكا في الحرب الإلكترونية، وكما يقول الأمريكيون: ثلاثة انتصارات فيخرج – الخاسر – من السباق.

     السيطرة على طائرة الشبح وتعطيل قمر تجسسي وربما اختراق نظام للطائرات الحربية في عقر أمريكا ليست بالأمورالهينة، وهي دالة على امتلاك إيران تفوقاً ثميناً في الحرب الإلكترونية، مما تثير التكهنات بقدرتها على التحكم بنظم عسكرية أخرى، قد تصل حد السيطرة على نظم الصواريخ البالستية والقوة الجوية وأجهزة الاستكشاف والرصد للقوات الأمريكية وحلف الناتو، وهو ما يستشف من تهديد إيران بضرب القواعد الأمريكية في أنحاء العالم فيما لو أقدمت أمريكا أو الكيان الصهيوني على الاعتداء عليها.

    هل اختراق نظم المعاملات المالية العالمية في نيويورك ولندن وباريس أصعب من السيطرة على نظم التحكم العسكرية لأمريكا؟ لست مختصاً لاعطي جواباً دقيقاً لكني أرجح بأنها أسهل، لذا فإن المغامرة بالاعتداء على إيران قد تكون لها عواقب وخيمة تتعدى المجال العسكري إلى عالم المال والاقتصاد، وهو أشد ما يخيف حكومات الغرب ومؤسساته المالية.

   هل ستتعظ أمريكا وحلفاؤها من هذه الاخفاقات المتتالية وتترك إيران وبقية بلدان المنطقة وشأنهم؟ لا أظن ذلك، لذا أميل إلى التشاؤم.

5 كانون الثاني 2012م

  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حامد العطية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/05



كتابة تعليق لموضوع : إثنتان وربما ثلاث جولات خسرتها أمريكا في حربها الإلكترونية مع إيران
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net