صفحة الكاتب : مروة محمد كاظم

خيرةُ النسوانِ
مروة محمد كاظم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ الطفولة ونسمعُ أهزوجةً تُنادي بها سكينة عمها أبي الفضل العباس( عليه السلام ) ، و أقلبُ صفحات الليل والنهار عن عزيزة العباس (عليه السلام ) ، وحبيبة أبيها الحسين ( عليه السلام ) ، فوجدتهم يقولون : هي آمنة ، وقيل أمينة لكن أمها الربابَ تناديها سَكِينة ، وأي سكينةٍ هي وهي الوقار بأكمله، شبيهةُ جدتها الزهراء (عليها السلام ) ، و حنكتها حنكة عمتها زينب الحوراء(عليها السلام) ، ذات البسمة العلوية ، النقية الطاهرة المطهرة ، الشريفة الهاشمية الفاطمية، العابدة الزاهدة النورانية، جميلة الخِصال ، نبيلةُ الفِعال، منزهةٌ عن كل ما قيل وقال ، شريفة النسب ، خيرة النساءِ أمًا وأبًا ، قال عنها أبوها الحسين عليه السلام :《وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله 》 ، حتى استحقت أن يصفها أبوها وحجتها على الأرض ب (خيرة النسوان) ، وذلك يوم أن ذُهلت على مصرعِ أخيها عبد الله الرضيع (عليه السلام ) حين أرجعه أبوه الحسين (عليه السلام) مذبوحًا في حجره فلم تستطع القيام لتوديع أبيها الحسين (عليه السلام ) ، قد انزوت في مكانٍ عن النساء اللواتي قد حففنَ بهِ لتوديعه ، وقد ظلّت في مكانها باكية ، فلحظ سيّد الشهداء (عليه السلام ) ابنته وهي بهذا الحال ، فوقف عليها يكلّمها مصبّرًا إياها وهو يقول :
سيطول بُعدي يا سكينةُ فـأعلمي
مـنكِ البكاء إذا الحِمـام دهاني
لا تحـرقي قلبـي بدمعكِ حسرةً
مـا دام منّي الروح في جثماني
فإذا قُتلتُ فأنـتِ أولـى بـالذي
تـأتينهُ يـا خيـرةَ النســوانِ
كانت شاهدةً على مقتلِ أبيها الحسين (عليه السلام) ، شاهدت ملحمة العشق في كربلاء ، رأت مصارع أخوتها وأهلها، خرجت نادبةً أباها الحسين (عليه السلام) عندما رجع فرسه مقلوب السرج بلا فارسه، راحت تنادي مفجوعةً :
واقتيلاه ، واأبتاه ، واحسناه ، واحسيناه ، واغربتاه ، وابعد سفراه ، واكربتاه .فلمّا سمع باقي الحرم خرجن ، فنظرن الفرس ، فجعلْنَ يلطمنَ الخدود ، ويقلْنَ : وامحمداه ...
وعند الرحيل كيف لسكينةَ إن تودع الأحبة المجزرين على رمضاء كربلاء ، ماذا تقول لأبيها الحبيب الذي كان يحبّها حبًّا شديدًا، و يقول فيها وفي اُمّها الرباب (عليهما السلام ) ، إذ قال :
لعمـركَ أنّنـي لاُحـبّ دارًا
تـحلّ بهـا سكينـة والرباب
أحبّهما وأبـذل جـلّ مـالي
ولـيس للائمـي فيهـا عتاب
ولست لهم وإن عتبوا مطيعًا
حيـاتي أو يعلّيني التراب
و رحل عنها الحبيب، و أسكن بين جفنيها دمعةً وحرقةً في القلب لاتبردُ أبدًا ، فلا تكاد تنسى آخر وداعٍ لها معه وهو جسدٌ بلا رأسٍ على صعيد كربلاء ، شاهدتهُ وهي على تلك النياق الهزيلة الأقتاب ، انسدلت كليلٍ حزينٍ على صدره تنعاه ، لتخبره برحيلها ، و تقول له : أبتي لا تطيلَ الغياب...
لم تكن سكينةُ ممن يضربن القباب الحمراء مع الشعراء ، فهي منزهةً عن كل ما قيل فيها، طاهرة مطهرة ، لم تكن إلا لترثي أباها الحسين عليه السلام في خدرها المصون بحرقة ولوعة ، قائلةً:
لا تعـذليه فـهمّ قـاطعٌ طُـرقُـه
فعينــه بـدمــوع ذُرَّفٍ غدقة
إنّ الحسين غـداة الطف يـرشقه
ريب المنون فما أن يُخطىء الحدقة
بـكفّ شــرّ عبـاد الله كلّهـم
نـسل البغايا وجيش المرّق الفسقة
يا اُمّة السوء هاتوا ما احتجاجكـم
غـداً وجلُّكـم بـالسيف قد صفقه
الويـل حلّ بكـم إلاّ بمن لحقـه
صيّـرتمـوه لأرمـاح العِدا درقـة
يا عين فاحتفلي طول الحياة دمـاً
لا تبكِ ولـداً ولا أهـلاً ولا رفقـة
لكن على ابن رسول الله فانسكبي
قيحاً ودمعاً وفي إثرهما العلقة
..السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مروة محمد كاظم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/11/13



كتابة تعليق لموضوع : خيرةُ النسوانِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net