صفحة الكاتب : عدوية الهلالي

أبناء الحكومة
عدوية الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أفزعتني ابنتي الصغيرة عندما شكت لي من رفض معلمتها خروجها من الصف خلال الدرس لاستخدام المرافق الصحية ، لم يفزعني رفض المعلمة بقدر السبب الذي يكمن وراءه ..قالت ابنتي :" انهم يسمحون فقط (لأبناء الحكومة ) بالخروج " .." ومن هم أبناء الحكومة ؟" سألتها بوجل لأنني موقنة من عدم وجود ابناء للمسؤولين الحكوميين في مدرستها ، قالت :" أبناء الحكومة هم أبناء المعلمات ..انهم يطلقون عليهم هذا اللقب لتمييزهم عنا " ...أثار هذا الحوار في داخلي ردود فعل غريبة ، لم أعد أدري ان كنت غضبت أم استغربت أم استنكرت الأمر ، لكنه كان أمرا صادما بالفعل !!...

أنا أدرك جيدا ان من الضروري وجود مسافة بين المعلم والطالب لينظر الطالب لمعلمه كسلطة تستوجب الاحترام والطاعة ، لكني لأجد من الصائب استخدام هذه السلطة للتمييز بين الطلبة ..المعلم في هذه الحالة يجعل الطالب يفهم رسالة مغزاها ان (ابناء الحكومة) يتمتعون باستحقاقات لايتمتع بها الشعب المسكين ، وان عليهم ليس احترام الحكومة فقط بل احترام أبنائها وتجنبهم احيانا لأنهم يمتلكون مظلة تحميهم  من الشعب وتضعهم في درجة اعلى منه ..

يشير العديد من المحللين السياسيين الى ان العملية الديمقراطية في بلدنا تشبه وليدا خديجا لم تكتمل ملامحه بعد على الرغم من مرور اكثر من عقد ونصف على ولادته ، والسبب هو ضعف الوعي السياسي لدى الشعب وحرص الحكومات المتعاقبة على اعتبار السلطة مناصبا تحكم الشعب وليس رسالة تهدف لخدمته ..وماحدث في مدرسة ابنتي هو دليل بسيط على تجذر هذا المفهوم في أذهان الناس ، فالسلطة هي المنصب وهي الاستحقاقات المتأتية منه ومايترتب على ذلك من تمييز وتهميش وماالى ذلك ..كيف يمكننا اذن أن نطالب الشعب بتأشير أخطاء الحكومة وانتقادها ومطالبتها بتوفير الخدمات ومحاربة الفساد واصلاح ماتم تدميره في السنوات السابقة اذا كانت النفوس هي من طالها الدمار وبات كل من يمتلك سلطة – مهما كانت ضئيلة كسلطة المعلمة مثلا – يضع حدا فاصلا بينه وبين الشعب ؟!

ماذا يفعل الشعب في هذه الحالة ؟! هل سيؤمن بالديمقراطية ويشارك في تطبيقها أم سيكون عليه أن يتقبل دور الصامت والمطيع والمستجيب لكي لايناله العقاب ؟..أين الديمقراطية من كل هذا ونحن محاطون بالديكتاتورية في كل تفاصيل حياتنا ومراحلها ، وهذه ابنتي وزملاؤها من (ابناء الشعب) يتعلمون اول دروس الحياة بشكل مغلوط ، لأن هنالك من يلقنهم منذ نعومة أظفارهم أصول اللعبة التي تقول :"السلطة فوق الشعب ...وليس معه "...!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدوية الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/11/07



كتابة تعليق لموضوع : أبناء الحكومة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net