حينَ رأيتُ انَّ للأدب في زمننا الرديء مافياتٍ كما لمواخيرِ السياسة مافيات
تسلَّطت على محافل الأدب والشعر وأصبحت منابر الشعر حكراً على أعوانها من المتشاعرين رأبتُ بنفسي أن يدافعني عنها ضعيف اويطاولني فيها قصير فازمعتُ ان اتركَ الساحة للجهل يصول ويجول فيها ليس هربا ولكن إمعانا في الاحتقار لهذه الزمر المتسلّطة فلا طائل ولا جدوى من النشر مادامت هذه الأنماط من الجهال مسيطرة وبيدها الزمام وقصيدتي صرخة غضب في وجوههم وعتب على الوطن المضاع وقد ناهزتْ على المئةِ والعشرين بيتاً لذا ارتأيت دفعاً لمللِ وسأمِ القاريء الكريم نشرها على أجزاء آمل ان تروق لكم
الجزءُ الأول بعنوان
(لعنتُ الشعرَ والأَدبا )
لعنتُ الشعرَ والأَدَبا
سوى الأتعابِ ما جَلَبَا
لمنْ أشدو قوافيَهُ
الى وطنٍ قدِ احتُرِبا
تعاورهُ العدى طعناً
وفي دمِ شعبهِ اختَضَبا
ينوءُ بجرحِهِ الدامي
ومُزَّقَ شعبُهُ إِرَبا
فأولى اليومَ أبكيهِ
بحرِّ الدمعِ مُنتَحِبا
وأرثي نجمَهُ الخابي
فعنْ أُفُق الدُّنى غَرَبا
وأرثي فيهِ أمجاداً
مؤثّلةً طوتْ حِقَبا
*** *** ***
وكمْ أُغرودةٍ صدحتْ
بحبِّهِ تصطلي لهبا
تذيبُ الصخرَ نغمتُها
لها الدُّنيا صغتْ طَرَبا
تعالتْ في معانيها
وضاءتْ في السما شُهُبا
سنيناً أشدو بالألحان
محزوناً ومُكتئبا
ومنتظراً على قلقٍ
بنار الشوقِ مُلتَهِبا
على أملٍ لها يُصخي
بقيتُ العمرَ مرُتقبا
فما أصخى لإنشادي
ولم يحفلْ بما كُتبا !!!
كأنّي لم أكنْ بَرّاً
ومنْ أبنائهِ النُّجبا
معاذَ المجدِ يا وطني
تَكُونُ مُدمَّراً خَرِبا
*** *** ***
بهِ المسؤولُ طاغيةٌ
على الكرسيِّ إِنْ وثبا
وشرَّ الخلقِ قاطبةً
إذا في حكمِهِ غلبا
إذا للسلطةِ اغتصبا
ويمسي قلبُهُ حجراً
وللإجرامِ مُنتسبا
يبثُّ الجهلَ والحرمانَ
بينَ الشعبِ والرُّعُبا
يصعِّرُ خدَّهُ كِبراً
على شعبٍ قد اغتُصبا
ويسرقُهُ بلا خجلٍ
ويفخرُ أَنَّهُ نَهَبا
وما أوفى لهُ وعداً
ولا أدّى الذي وَجَبا
وكافأهُ على المعروفِ
أنْ يوماً لهُ انتخبا !!!
أبانَ لشعبهِ وجهاً
صفيقاً يابساً خشبا
لمنْ أشدو الى شعبٍ
بحبلِ الجهلِ قد سُحِبا
وعاشَ مصفّقاً جهلاً
لطاغٍ جَاءَ أو ذَهَبا
يصفّقُ خانعاً ملقاً
لمنْ سلطانُهُ غَلَبا
*** *** ***
لمنْ أشدو بهِ غزلاً
ومن أهواهُ قد عَزَبا (1)
بغيري باتَ مشغولاً
عليِّ بحبّهِ كذبا
خبتْ بالشعرِ أحلامي
بعيني قد طفتْ حَبَبا
لعنتُ الشعرَ محرقةً
أكونُ لنارِها حَطَبا
وئيدَ الخطو لايجري
الى الآمالِ بي خَبَبا
لعنتُ الشعرَ لم يتركْ
بأسماعِ الدُّنى صَخَبا
أيجهلهُ بنو وطني
ولي فخراً قدِ انتَسَبا ؟
لعنتُ الشعرَ مجنوناً
إذا ما ثارَ أو غَضِبا
يهدُّ معاقلَ الطغيانِ
قرضاباً إذا ضَرَبا
لعنتُ الشعرَ رقراقاً
وعذباً من فمي انسكبا
تلذُّ برشفهِ الأسماعُ
ضاهى طعمُهُ الضَرَبا (2)
لعنتُ الشعرَ مغبنةً
بهِ قد عُدْتُ مُحتَطِبا
ومنْ يرقى منابرَهُ
يثيرُ الضحكَ إِنْ خطبا
لعنتُ الشعرَ مهزلةً
يُكرَّمُ فيهِ مَنْ نَعَبَا
ويُترَكُ بُلبلٌ غردٌ
يبذُّ بشعرهِ الأُدَبا
لأنّهُ لم يكنْ عبداً
لطاغيةٍ ولا ذَنَبا
وليسَ منافقاً خبّاً
يقبّلُ كفَّ مَنْ وَهَبا
ولا في الرأي منحازٌ
لحزبٍ طامعٍ نَصَبا
رأى الأحزابَ خائبةً
فعنها قالياً رغبا
برغمهِ غادرَ الأوطانِ
مضطرّاً قد اغتَرَبا
فيا وطناً بهِ الشعراءُ
ذاقوا القهرَ والسَغَبا
إذا ما أغضبوا السلطانَ
سيموا الويلَ والحَرَبا
وَإِنْ سكتوا على مضضٍ
لقوا من شَعْبِهِ العَتَبا
وكم من شاعرٍ حرٍّ
على أعوادهِ صُلِبا
فللشعراء في وطني
سجونٌ تنطفُ العَطَبا
كما امتلأتْ مدائنهُ
مقابرَ تجهلُ السَّبَبا
وَإِنْ ماتوا لذكراهم
أقامَ الحفلَ والنُّصُبا
عجيبٌ أنتَ يا وطني
بفعلِكَ زدتَني عجبا
وأغربُ ما أرى النقادَ
لا عَجَمَاً ولا عَرَبا
بغثٍّ الشعرِ قد فُتنوا
وعنهُ ألّفوا الكُتبا
عليهم غصَّ من ضحكٍ
وفي ألبابهم لعبا
أبانوا عن جهالتهم
بنقدٍ يبعثُ الرِّيَبا
تُكرّمُهُ على هذرٍ
وتمنحُهُ سدىً لقبا
ولمّا قد رأيتُ الجهلَ
فوقَ سنامهِ ركبا
تصدّرَ في محافلهِ
وعنها الفحلُ قد حُجِبا
علمتُ الشعرَ في خطرٍ
وفي أهليهِ قد نُكِبا
وآبى أنْ أسفَّ بهِ
وبينَ ضفادعٍ أثبا
وتأبى كبرياءُ الشعرِ
أنْ ينحطَّ بي صَبَبا
فلا لومٌ ولا عَتَبٌ
على مثلي إذا احْتَجَبا
*** *** ***
(1) عزبَ بمعنى بَعُدَ
(2) الضَرَب هو العسل
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat