صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (١٤)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا}.
   إِنَّهم الشَّريحة الأَسوء والأَخطر في المجتمع {الْمُرْجِفُونَ} همُّهم تثبيط عزائمِ النَّاس ودفعهم نحو اليأس بأَيَّة طريقةٍ من الطُّرق! فتارةً عن طريق نشر الأَكاذيب والدَّعايات السَّوداء والإِغتيال السِّياسي لكلِّ مَن يسعى نحو التَّغيير والإِصلاح! وتارةً عن طريقِ تكريسِ مفهوم [مَيفيد] عِنْدَ النَّاس، فالإِنتخابات [مَتفيد] ومُحاولات الإِصلاح [مَتفيد] والخطاب المُعتدل [مَيفيد] وكلَّ شَيْءٍ آخر [مَيفيد].
   إِنَّهم سبب لإِعاقة كلِّ شَيْءٍ يُصلح المُجتمع وفشل كلِّ مُحاولةٍ تسعى للتَّغيير!.
   يُخذِّلُون النّاس عن مشاريعِ التَّربية والإِصلاح ويُعرقلُون مساعي العمل النَّافع {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا ۗ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}.
   وهم لا يكتفُون بالإِمتناعِ عن فعلِ الخير والتوقُّف عن المُساهمة في أَيِّ مشروعٍ إِيجابيٍّ وإِنَّما يبذلُون كلَّ جُهدهِم لمنعِ الآخرين من ذلك، فمثلاً {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا}.
   إِذا ملكُوا مالاً بخِلوا بهِ ويحضُّون الآخرين على البُخلِ من خلالِ التَّشكيك بكلِّ شَيْءٍ! وإذا علمُوا شيئاً كتمُوا العلم وحضُّوا على الجهلِ بالتَّشكيكِ وإِثارةِ الفِتن العلميَّة والثقافيَّة والعقديَّة والفكريَّة في المجتمعِ! من خلالِ نشرِ كلِّ ما هو مثارُ جدلٍ وإِغماضِ العَين عن المتبنَّيات اليقينيَّة الواضحة كما يصفهُم القرآن الكريم بقولهِ {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}.
   إِنَّهم والمنافقُون ومرضى القلب من الحاسديِن والحاقديِن في كفَّةٍ وَاحِدَةٍ لأَنَّ هدفهُم واحدٌ وإِن اختلفت الوسائل والأَدوات {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}. 
   أَمّا إِذا حاولَ البعضُ رسم خرائط طريق للمُجتمع من أَجلِ إِصلاحهِ وتغييرِ حالهِ لما هو أَفضل وأَحسن وذلكَ من خلالِ مقالةٍ أَو بحثٍ مثلاً تراهُم يثبِّطونهُم كذلكِ بالقَول [مَيفيد] فلا أَحدَ يقرأُ فالنَّاس مشغولةٌ بمعاشِها وأَنَّ حالها الثقافيَّة والفكريَّة وعلاقتها بالله تعالى وبدينِها ميؤُوس منها فما فائدة الوعظ والإِرشاد والنُّصح؟! {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.
   والمشكلةُ أَنَّ في المُجتمعِ من يصغي إِليهم ويتأَثَّر في طريقتهِم ويقتنع بأسلوبهِم كما يذكر ذلك القرآن الكريم بقولهِ {لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} وفِي اخرى {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ}.
   إِنَّ من واجبِ المُجتمعِ عزل هذا النَّوع من النَّاس لأَنَّهم يضرُّون ولا ينفعُون، فاذا تساءلَ المُجتمعُ؛ ما الذي يريدهُ هؤلاء؟! هل عندهم بديلٌ مثلاً؟! أَم هل أَنَّهم يحمِلُون مشروعاً يمكنُ أَن يعوِّض عن المشاريع التي يحاربونَها فتُساهم في تحقيق التَّغيير والإِصلاح؟! فسيجد الجواب لا وأَلفُ لا! هذا يعني أَنَّ هدفهُم التَّخريب والتَّثبيط والتَّهديم فقط! ولذلك يلزم عزلهُم عن المجتمع وفضحِ خُططهِم وعدم الإِصغاء إِليهم والامتناع عن تداولِ رسائلهِم في وسائل التَّواصل الإِجتماعي، لأَنَّها تُدمِّر نفسيَّة المُتلقِّي وتُشيع الحالة السَّلبيَّة في المُجتمعِ ولا تُقدِّم حلّاً أَو بديلاً، وبالتَّالي تُساهم في ضَياع المُجتمع والتِّيه الحتمي!.  
   إِنَّهم مصداقٌ لقَولِ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) {فَلَا أَمْوَالَ بَذَلْتُمُوهَا لِلَّذِي رَزَقَهَا وَلَا أَنْفُسَ خَاطَرْتُمْ بِهَا لِلَّذِي خَلَقَهَا تَكْرُمُونَ بِاللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَلَا تُكْرِمُونَ اللَّهَ فِي عِبَادِهِ فَاعْتَبِرُوا بِنُزُولِكُمْ مَنَازِلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَانْقِطَاعِكُمْ عَنْ أَوْصَلِ إِخْوَانِكُمْ}. 
   إِنَّهم مُصابونَ بأَمراض القلب التي توطِّئ صاحبها ليكونَ مرتعاً للشَّيطان وما يُلقي في روعهِ كما يصفُ ذلك القرآن الكريم {لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}.
   وأَخيراً فإِنَّ هذا النُّموذج [المُثبِّط] من النَّاس يتحيَّن الفُرص ليشمُت بالآخرين كلَّما مرَّت عليهِم ظروفاً صعبةً أَو ابتلُوا بأَمرٍ ما كما يحدِّثنا عنهُم القرآن الكريم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
   ٢٩ مايس [أَيَّار] ٢٠١٨
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/31



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (١٤)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net