كمال الحيدري والرسالة الثانية
فطرس الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فطرس الموسوي

انشغلت لفترة بمتابعة ما يطرحه كمال الحيدري من افكار غريبة مخالفة ومقاطعة للخط العام لمذهب اهل البيت ع والمرجعية الدينية ، فوجدت ان افكاره اشبه بخدعة ذنب الوزغ وغفلت عن النتيحة التي يريد الوصول اليها .
لقد عظم عندي انه نال من علمائنا فوجدته يسفه اساطين مذهبنا، وكبر لدي انكاره لجملة من ثوابت وضروريات مذهبنا فوجدته ينسف تراثنا، وبعد افتاءه بجواز التعبد بجميع المذاهب اﻻسﻻمية توقعت ان يفتي بجواز التعبد بجميع اﻻتجاهات الدينية فرأيته ﻻ يؤاخذ من اشرك بالله او كفر ان قامت لديه حجة ، والمثكل ان من خالف الحجة على الكفر استحق العقوبة ، واستنتجت باﻻمس من لوازم افكاره انه يساوي نفسه باﻻمام المعصوم فوجدته اليوم يدعي الرسالة، ولﻻسف الشديد لم اجد جدية في تصديق ما بينته لبعض المهتمين بالشأن من ادعائه الرسالة حتى قيل لي : هذا ليس دليلا على ادعائه بل هو لازم لذلك، عجباً ما الفرق اذن ؟!
ان الخطورة تكمن في اننا انشغلنا مندهشين بمدعيات مسيلمة الكذاب الغريبة والشاذة غافلين عن تداعياتها ، رسول جديد مجدد فأي شريعة سيدين بها شبابنا اليوم الذين يجوبون ما يجوبون لنشر افكاره الناسخة الماحقة لشريعة رسول الله ص ﻻ لمذهب التشيع وﻻ لتراث الشيعة وﻻ لأساطين مذهبها ولا لمرجعيتها الدينية ، ان ما ينبغي الاتفات اليه هو الغاية التي يريدها من يقف وراء مسيلمة ﻻ وسيلته بإدعائه الرسالة ، الغاية هي اسﻻم على طريقة شيطانية تحكم وتشرع لجميع اديان اﻻرض السماوية واﻻرضية التوحيدية والشركية .
ان مسيلمة الكذاب بدأ بتغليف افكاره بطريقة ذكية مدروسة مخططة ولجأ الى اساليب اثبت بها اعلميته على الشيطان فتوسل الشيطان ان يكون احد تﻻمذته ، فكان من خطوات الشيطان اﻻستاذ : دروس في التفسير ومطارحات في العقيدة ، ادعاء اﻻعلمية وتسقيط العلماء ، نسف منهج العلماء جميعاً ليكون منهجه هو اﻻوحد ، نقد الفقه الروائي ، عدم اﻻعتراف بمصادر التشريع وحصرها ب : النص القرآني وما يفهمه هو منه ، ما ثبت لديه هو من قول المعصوم ع ، العقل الذي يراه هو ، وجعل مصدرا ﻻ ادري ان سبقه به غيره ام ﻻ وهو القيم اﻻسﻻمية .
قال : انا ﻻ اعترف بأي احد ﻻ بأصحاب اﻻئمة وﻻ بالعلماء وﻻ باجماع وﻻ بسيرة عقﻻئية وﻻ بضروريات دين او مذهب وذهب الى ان اﻻسﻻم الذي جاء به الرسول ص في القرن السابع الميﻻدي ﻻيمكن ان ينسجم في التطبيق في هذا القرن الذي نعيشه اليوم وان الحل اﻻوحد في الخروج من هذه المعضلة هو القول بنظرية وحدة المفهوم وتعدد المصداق ، ولنقف عند هذا النقطة لتثبيتها جيداً لنرى النتيجة بعد مقدمة تسبقها خﻻصة : ان كمال الحيدري جعل من نفسه الفرد اﻻوحد والمأذون في تطبيق الشريعة اﻻسﻻمية بالطريقة التي تجعل منها منسجمة مع العصر الحالي لمجتمعنا والمجتمعات اﻻخرى .
- اما المقدمة - فبحسب ما اعتاده مسيلمة من اﻻنسﻻل من متبنياته ابتداءا واكتفاءه بطرح الشبهة دون اﻻشارة الى رفضها ثم البناء على نتائجها لهو اوضح الواضحات بأنه يسرق اﻻفكار - وان كانت شاذة - ويغلفها ويسوقها للبلهاء امامه لتبث فيما بعد عبر الشبكة الى عوام الناس الذين انبهروا في فترة سابقة بمطارحاته العقيدية .
محمود محمد طه مفكر سوداني الجنسية من مواليد 1909 محكوم باﻻعدام بتهمة الردة عن اﻻسﻻم عام 1985 ، له مؤلفات عديدة منها : " اﻻسﻻم برسالته اﻻولى ﻻ يصلح لإنسانية القرن العشرين " ، وجدت بعضاً من افكار كمال الحيدري منسجمة ومستلة من افكار محمود محمد طه بل بعضها مطابقا لها تماما ، عرض الحيدري كتاب " اعﻻم الفكر التجديدي الديني " واوصى بقراءته وذكر عن صاحب الكتاب في جزءه اﻻول بعضا من افكار محمود محمد طه ، ومنها : ان الرسالة التي جاء بها الرسول ص مقسمة الى : ما جاء به الرسول ص في مكة وما جاء به في المدينة .
قال محمود محمد طه : " ان ما جاء من شريعة بمكة هو الرسالة العامة المؤجلة والتي هي خاصة بنا نحن في هذا القرن وان الرسالة اﻻولى هي ما جاء من شريعة بالمدينة " ، ثم خلص الى قوله : " ومن هنا وظفنا انفسنا للتبشير بالرسالة الثانية وما كان في المدينة هي الرسالة اﻻولى "
وتسائل الحيدري قائلاً : "من المأذون في تطبيق الرسالة الثانية " ، فأجاب نفسه نقﻻ عن محمود محمد طه من انه قال : " حق ان النبوة قد ختمت ولكن ليس حق ان الرسالة قد ختمت " ثم تسائل الحيدري : " من رسول الرسالة الثانية ؟ " فأجاب نفسه : " وحدة المفهوم وتعدد المصداق " - وهي النقطة التي طلبنا التوقف عندها وتثبيتها -
ولنا ان نسأل : هل وحدة المفهوم وتعدد المصداق رسول ؟ كﻻ ، بل هو منهج كمال الحيدري في امكانية تطبيق القران او الشريعة اﻻسﻻمية لتكون منسجمة مع هذا العصر ، اي ان القائل بوحدة المفهوم وتعدد المصداق هو رسول الرسالة الثانية .
نتيجة كمال الحيدري : ان الرسالة اﻻسﻻمية مقسمة الى :
- الرسالة اﻻولى التي جاء بها الرسول محمد ص.
- الرسالة الثانية - التجديدية - ورسولها كمال الحيدري .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat