بالنسبة لي فإن النمل من اجمل المخلوقات ( و كل خلق الله جميل) واول ما لفت نظري لجمال ذلك المخلوق تلك الكلمات التي نقرأها في المصحف على لسان نملة
(( قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُون ١٨ سورة النمل
(( وهم لا يشعرون ))
اقرأها و انا استشعر تلك اللغة الايجابية و حسن الظن و التماس العذر فهي قد رجحت ان اي فعل مُضِرٍ قد يصدر عن سليمان فإنه (( لا شعوري )) و ما اجمل رد فعل سليمان ع ( الاكثر ايجابية ) إذ تبسم ضاحكا و شكر ربه
حين اراقب حركة اسراب النمل فإني اتعلم منها الاصرار و المرونة و الايثار و المعونة تتشارك الاسراب في توصيل الحمولة من الطعام و تتناقلها بطريقة تشبه طريقة متطوعي الاغاثة في المنظمات الانسانية اذا قطع طريقها عارض انفرج السرب الى افواج لتستمر في تحقيق نفس الهدف
تلك الروحية و الايجابية و التفاني لايمكن تمثيلها في المجتمع الانساني الا على نطاق ضيق و بحالات محدودة
اما على المستوى الملايني فلا يمكن تحقيق ذلك الا في طريق الملكوت ( طريق الماراثون الانساني الذي يقصده اكثر من ٢٠ مليون انسان دفعة واحدة لزيارة ضريح الامام الحسين عليه السلام في كربلاء )
حين تسير مئات الكيلومترات لايام و ليالي في طريق الملكوت ستمر بمواكب يقيمها اناسٌ لا تتعب ابدانهم و لا تمل من خدمتك و تقصي راحتك و تلبية متطلباتك
يعاملونك معاملة الفاتح و يتبركون بخدمتك كما يتبرك الصلحاء بخدمة الانبياء بادنى فرصة لسان حالهم يقول ( شبيك لبيك يا زائر عبدك بين يديك )
المسألة اكبر من :
- غذاء مجاني متواصل و شراب بما لذ وطاب
- او مبيت مجاني او خدمة هاتف او تبريد او تدليك او مرافق صحية او حمام
- اكبر من غسل و تصفيف ملابسك و تصليح احذيتك و مداواتك و تصليح سيارتك ان كنت راكبا او توصيلك لاي مكان مجانا
المسألة ان تلك المواكب و اولئك الناس وضعوا ارواحهم على اكف الموت و نصبوا لك مواكب خدمتك برغم كثرة المفخخات و الانتحاريين و القتلة المتربصين
تلك المواكب هي التي تخلق ذلك الجو الروحي الايجابي لدى جحافل الماشين و تشعرهم بقيمة ما يفعلوه
حين تسير في ذلك المحفل سوف لن تحتاج للبحث عن الحقيقة الموصلة الى الله سوف لن تحتاج لتطوف معابد الاديان و كتابات الفلاسفة و المتصوفة و لن تحتاج لاثباتٍ تلجم به افواه الملاحدة
حين تسير في ( رالي الملكوت ) هذا ستجد الله في نظرات طفلة صغيرة تمسك جرة ماء لترويك ستشم ريح الله في ( صينية تمر ) لعجوز فقيرة لا تملك الا التمر
ستشعر بقيمة كل خطوة تخطوها و بأي درب ملائكي وضعت قدمك حين يستقبلك شيخ كبير ثمانيني متوسلاً مقبّلا خديك و رأسك ( تفضل يبوية ، خليني اتبارك بخدمتك ) هل دمِعَت عيناك ايها القاريء ؟ إذن ،، أنىٰ لك ببحر من الدمع لو سرت في ركبهم
أنىٰ لك بفيض دمعٍ لو رأيت السائرين يتنافسون على ( حمل من اعياه التعب منهم ) على اكتافهم رغم تورم اقدامهم
كيف ستصبر عن البكاء لو اكتشفت ان جُل المتفانين في خدمتك هم من الفقراء المسحوقين و انهم يدخرون مما يكسبونه على مدار السنة كي يقدموه لك بالمجان
ستبكي حين تكتشف انهم معظمهم لهم ابناء قد استُشهِدوا في الجبهات او المفخخات او معاقين
و لا يسرهم ان تبكي امامهم لحالهم الا اذا كان بكائك لاجل مصيبة امامهم الحسين ع فإنهم سيشاركونك ذلك
و اعلم ان اهل تلك المواكب سيلحقون بك لزيارة الضريح مشيا على الاقدام ان اتسع الوقت او بالعجلات فكل اسرة منهم انقسمت الى فريقين يتناوبان ( الزيارة ) و ( خدمة الزائرين )
حين تسير في ذلك الدرب و تمتلكك كل تلك المشاعر و تحيط بك القيَم من كل جانب ستنسى عندها انتقاد فعل سياسي فاسد متلبس بثوب التدين
ستتغاضى عن سب جاهل يدعي الجنون بحب الحسين ع فيشَّرِح جسده او مخنث يتراقص باسم الحسين ع و ستكف عن كل اشكال الجدل
لانك ستعيش حالة من الانقطاع الى الله و الاعتكاف بحبه لا تترك في قلبك اي مساحة للسلبية و الانتقاد
هنيئا لكم اهل العراق
قمة في الكرم ، قمة في التضحيات ، قمة في الشرف
١/١١/٢٠١٧ج
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat