بلاغة الإمام الحسين (ع) خطبة التوحيد أنموذجاً
شياع يونس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تتمحور العلاقة فيما تثيره في وجدات المتلقي من متعة ومضمونية تحفزه لمعناه الاحتوائي، وقد سعى الإمام الحسين (ع) لتوظيف الامكانية البلاغية لخدمة السعي التثقيفي المؤمن، والبحث في جذر الغاية، ليغور في أعماق النفس، وهو يحتوي المضمون القرآني، ويقدم التوجيه الذي يوازن عمق الموضوع، مع وعي التلقي المؤثر، ليحذر الناس من المروق في خطبة التوحيد، فهو يقول:
 (يا أيها الناس، اتقوا هؤلاء المارقة الذين يشبهّون اللهَ بأنفسهم)، وهذا يعني أن بلاغة سيد الشهداء (ع) بلاغة مربية، تحمل مواقف إيمانية، لتكون مرآة لمنزلة الإمامة، ويقدم الرؤية الواعية للموضوعي الجوهري، فهو يقول في تعريف منزلة الله سبحانه تعالى: (استخلص الوحدانية والجبروت، وأمضى المشيئة والإرادة والقدرة والعلم بما هو كائن). فنجد هالة البلاغة الساعية لتقديم الصورة الأبهى لمنزلة القدرة الإلهية، بلا منازع ولا كفؤ له، ولا ضد، ولا سمي، ولا مثل... وهذا الزهو البلاغي، يمثل الجذر الإمامي المعصوم في رؤية توحيد الله تعالى، وهو يقربنا من مدرسة أمير المؤمنين (ع)، لتمتد مع حواضر الهمّ الاصلاحي الرسالي المؤثر، لتكون هذه البلاغة من أهم مقدمات النهضة الحسينية، راسماً ملامح الفلسفة، عبر رؤية الجوهر المطلق المحتوي لهذه الصفات: (ما تصور في الأوهام فهو خلافه... هو في الأشياء كائن لا كينونة محظور بها عليه، ومن الأشياء بائن لا بينونة غائب عنها). وهذه السمات الربانية هي السبيل لمعرفة الله (عز وجل)، وهي بطبيعة الأمر غير قادرة على بيان كنه وحقيقة الذات الإلهية، لكنها مفاهيم محدودة إلى معرفة الله الإجمالية، قال الإمام علي (ع): (الله أجلّ من أن يدرك الواصفون قدر صفته التي هو موصوف بها، وإنما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله...). وهذه المرسخات الاعتقادية أعطت مساحة واسعة لتمثيل أئمة أهل البيت (ع) برؤى تمثل حرص الأئمة (ع) على تنمية الوعي العام، ليحافظ على المفاهيم المقدسة، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة الله تعالى.
 وقال الإمام الحسن (ع): (لا تدرك العقول وأوهامها، ولا الأفكار وخطراتها، ولا الألباب وأذهانها صفته)، ويبقى لهذا الجهد الإمامي المعصوم الدور الفعال في حياة الأمة، ليدرك مفهوم الاحتجاب العقلي والبصري. وأراد سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) من خلال هذه الخطبة الموحدة، أن يمنحنا الدلالة العميقة، لرفع حالة المدرك العقلي عند الإنسان، لمعرفة أن: (به توصف الصفات لا بها يوصف)، ويدرك الإنسان بمفهوم سيد الشهداء (ع) أن: (به تعرف المعارف لا بها يعرف الله سبحانه تعالى). 
  
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شياع يونس

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/14



كتابة تعليق لموضوع : بلاغة الإمام الحسين (ع) خطبة التوحيد أنموذجاً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net