صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ (٢١)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   ٤/ وفِي كربلاءَ كان للفتحِ معنىً آخرَ! معنى الشَّهادة والحضور التَّاريخي! {وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ} و {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} هذا المعنى الذي وصفهُ الحُسينُ السِّبط (ع) في كتابٍ بعثهُ إِلى بني هاشم يُخبرهُم فيهِ {مَنْ لَحِقَ بِي مِنكُم إِستُشْهِدَ! وَمَن تَخلَّفَ لَمْ يَبلُغَ الفَتْحِ}.
   فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يُحَقِّقُ نَصْرًا عَسْكَرِيًّا آنِيًّا هُوَ مُنْتَصِرٌ تَارِيخِيًّا! كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مِنْ يَنْهَزِمُ آنِيًّا هُوَ مهزومٌ تَارِيخِيًّا أَبَدًا! فَكَرْبَلَاء الَّتِي ظَنَّ الطَّاغُوتُ أَنَّهُ اِنْتَصَرَ فِيهَا عَلَى الحُسَيْن السِّبْطُ (عَ) وَأَهلِ بَيْتهِ وَأَصْحَابِهِ، إِكتشفَ وتَيَقَّنَ بَعْدَ حِينٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْسِمُ فِي تِلْكَ الصَّحْرَاءِ نِهَايَاتِهِ الأَخْلَاقِيَّةَ فَضْلًا عَنْ العَسْكَرِيَّةِ!.
   إِنَّ النَّّصْر الَّذِي حَفَرَهُ الحُسَيْن السِّبْطُ (عَ) اِعْتَمَدَ عَلَى قِيَمٍ وَمُثُلٍ عُلْيَا؛
   فَمِنْ جَانِبٍ تَحَوَّلَتْ شَهَادَتهُ إِلَى رَمْزٍ تَارِيخِيٍّ خَالِدٍ يَنْهَلُ مِنْهُ العَطْشَى لِلحُرِّيَّةِ وَالكَرَامَةِ مُثُلًا قَلَّ نَظِيرُهَا!.. وَمِنْ جَانِبٍ آخَرَ فَإِنَّ النَّّصْر فِي عاشوراء يَعْنِي الثَّبَاتَ وَالاِسْتِقَامَةَ عَلَى الخَطِّ الَّذِي رَسَمَهُ الحُسَيْن السِّبْطُ (عَ) لِنَفْسِهِ وَلِأَهِلَّ بَيْتِهِ وَأَصْحَابِهِ!.
   فَالنَّصْرُ الحَقِيقِيُّ فِي أَيَّةِ مُوَاجَهَةِ يُقَاسُ فِي مَدَى الاِلْتِزَامِ بِالمُنْطَلَقِ وَالمُسَيِرِ وَالهَدَفِ! أَمّا الهَزِيمَةُ فَتَعْنِي العَكْسَ مِنْ ذَلِكَ! فَعِنْدَمَا يَرفَعُ المُصْلِحُ شِعَارَاتٍ وَأَهْدَافٍ مُقَدَّسَةٍ لِحَرَكَتِهِ الإِصْلَاحِيَّةِ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِم بِهَا أَوْ أَنَّهُ اِسْتَسْلَمَ لِلتَّحَدِّيَاتِ فَلَمْ يُحَقِّقْ مِنْهَا شَيْئًا أَو غيَّرَ وبدَّلَ فَتِلكَ هِيَ الهَزِيمَةُ الحَقِيقِيَّةُ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَهُ فِي اليَوْمِ التَّالِي جَالِسًا إِلَى جَانِبِ عَرْشِ الحَاكِمِ الظَّالِمِ!.
   كَمَا أَنَّ المُنْتَصِرُ فِي المُوَاجَهَةِ هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَسْلِمُ بَعْدَ التَّضْحِيَةِ، وَإِلَّا فَمَا الفَائِدَةُ مِنْهَا!.
   اُنْظُرُوا إِلَى كَرْبَلَاء؛ فَالحُسَيْن السِّبْطُ (عَ) لَمْ يَنْحَرِف قَيْدَ أَنْمُلَةٍ عَنْ أَوَّلِ كَلِمَةٍ قَالَهَا فِي المَدِينَة المُنَوَّرَةِ {مِثْلِي لَا يُبَايِعُ مثلَهُ} وَظَلَّ مُتَمَسِّكًا بِهَا فِي عاشُوراء وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِ الشُّهَدَاءِ الأَبْرَارِ مِنْ دُونِِ أَن تَهْتَزَّ ثِقَتَهُ بِرِسَالَتِهِ وَأَهْدَافِهِ قَيْدَ أَنْمُلَةٍ فَقَالَ {هيهاتَ مِنَّا الذلَّة} لِيَسْتَمِرَّ فِي ثَبَاتِهِ مِنْ دُونِِ أَدْنَى اِنْهِيَارٍ وَقَدْ بَقِيَ وَحِيدًا فْرِيداً لِيَقُولَ {رِضاً بِقَضَائِكَ يَارَبِّ وَلَا مَعْبُودَ سِواكَ} لِيَسْتَشْهِدَ عَلَى المُنْطَلَقِ وَالمُسَيرِ وَالهَدَفِ ثُمَّ لِيَثبُتَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَعَلَى رَأْسِهِمْ الأَمَامُ السَّجَّادُ عَلَي بِنْ الحُسَيْن زَيْن العَابِدِين (عَ) وَالعَقِيلَةُ البَطَلَةُ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلَيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عَلَى الرِّسَالَةِ مِنْ دُونِِ أَدنِى اِنْهِيَارٍ أَوْ اِسْتِسْلَامٍ عَلَى الرَّغْمِ مَنْ كُلِّ التَّحَدِّيَاتِ العَظِيمَةِ الَّتِي مَرُّوا بِهَا فِي الكوفةِ وَالشَّامِ فِي مَجْلِسِ الطَّاغِيَتَيْنِ الدَّعي اِبْنُ الدَّعي عُبَيد الله بِنْ زِيَاد وَاِبْنُ الطُّلَقَاء يَزِيدُ بِنْ مُعَاوِيَةُ عَلَى التَوَالِي!.
   وَذَلِكَ هُوَ الاِنْتِصَارُ الحَقِيقِيُّ! فَعِنْدَمَا سَأَلَ الطَّاغِيَةُ الأَمَامَ السَّجَّاد (عَ) عَنْ المُنتصِرِ فِي كَرْبَلَاء رَدَّ عَلَيْهِ بِجَوَابٍ بَلِيغٍ جِدًّا قَائِلًا {إِذا اِرْتَفَعَ الأَذَانُ فَسَوَفَ تَعرفُ مَنْ المُنْتَصِرُ فيها} لِأَنَّ شِعَارُ الأُمَوِيَّيْنِ [إِلَّا دَفنًا دَفنًا] دُفِنَ فِي كَرْبَلَاء وَعَلَى رُؤُوسِ الحِرَابِ لِصَالِحِ قَسَمِ العَقِيلَةِ زَيْنَبُ (عَ) الَّتِي تَحَدَّتْ الطَّاغُوتَ بُقُولِهَا {فوالله لَا تَمْحُو ذِكْرَنَا}.
   ٥ / وَأَخِيرًا؛ أَرَادُوا إِرْهَابَهُ بِالمَوْتِ فَأَرْعَبَهُمْ بِالشَّهَادَةِ! خَوَّفُوهُ بِالذِّلَّةِ فَشَرَّدَهُمْ بِالكرامةِ! هَدَّدُوهُ بِالقَتْلِ فَقَتَلِهُمْ بِتَصْمِيمِهِ عَلَى الشَّهَادَةِ! وَكَأَنَّهُ أَرَادَ لِكُلِّ الَّذِينَ خَذَلُوهُ مِنْ الَّذِينَ تَذَرَّعُوا بِقُوَّةِ السُّلْطَةِ وَكَثْرَةِ عَدَدِ العَدُوِّ وَقِلَّةِ النَّاصِرِ وَاِسْتِسْلَامِ المُجْتَمَعِ لِإِرْهَابِ الحَاكِمِ الظَّالِمِ لِلهَرَبِ مِنْ المَسْؤُولِيَّةِ! أَنْ يَلْقُمَهُمْ حَجَرًا بِنَقْلِهِمْ إِلَى المُسْتَقْبَلِ بَدَلًا مِنْ أَنْ يَتَشَبَّثُوا بِالمَاضِي أَوْ عَلَى الأَقَلِّ بِالوَاقِعِ المَرِيضِ! فَأَخْبَرَهُمْ بِالنِّهَايَةِ الحَتْمِيَّةِ [الشَّهَادَةُ] مِنْ أَجْلِ أَنْ لَا يُكَرِّرُوا أَسَفَهُمْ عَلَيْهِ وكأَنَّهم يُشفِقونَ عليهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَام! وَالَّذِي كَان [أَسَفَهُمْ] ذَرِيعَةً لِلهَرَبِ وَالخِذْلَانِ!.
   ١٠


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/13



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ (٢١)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net