قال: سأروي لك حكاية؟ قلت مع نفسي: لابد أن صاحبي انزعج كثيرا، واستثقل سؤالي الفضولي، لكن ما العمل هذا هو العمل الصحفي، الاعلامي... لابد ان اسأل عن التمويل؟ (تكية) بهذا الحجم... وبهذا البذل والعطاء لابد أن تثير الكثير من مثل هذه الأسئلة؛ لذلك اعتقد ان الحكاية ستكون اجابة لسؤالي عن التمويل. كان هناك طفل يتيم ترعرع بربوع هذه (التكية) يعمل حمّالا طيلة أيام السنة إلا في أيام عاشوراء، فهو يتفرغ تماما لخدمة (التكية)، وعندما كبر جمعنا له التبرعات من خدمة الحسين ع، وزوجناه إحدى السيدات الفاضلات، وهي ابنة عائلة فقيرة... استطاع هذا الشاب أن يلم حاله، حدثني ذات يوم عن ذكرياته فقال: كنت أعمل حمّالا، وأرى الناس تتعامل معي تعاملا مقرونا بالاحترام. حلمت ذات يوم، وإذا بي أزور حضرة امامي الحسين عليه السلام، فالتفت لي احد الزوار قائلا: اذهب الى محلك، واذا امامي محل تجارة القماش، وكان صغيرا جدا... نهضت وانا مستغرب الحال، قالت لي زوجتي: دعنا نذهب لنبحث عن المحل. ضحكت من تفسير زوجتي، لكننا ذهبنا فعلا نبحث في أسواق كربلاء، وكأننا نراها لأول مرة، عسانا نعثر على المحل الذي رأيته في المنام، وفي حضرة مولاي الحسين عليه السلام، واذا بنا نراه قابعا في زاوية من أروع زوايا السوق، قلت لها: هذا هو المحل، لكن هل تتصورين أن محلا بهذا الموقع سيتركونه لنا؟ قالت: اذهب واسال عنه فهو هبة مولاك الحسين ع... المشكلة ما إن رآني صاحب المحل حتى صاح بي: اين انت يا رجل؟ وكأنه على موعد معي اين كنت؟ خذ محلك وخلصني...!! سألته: بكم ايجاره؟ فضحك وقال: بما تدفع، وانتهى الموضوع. واصبحت أفكّر جديا بفتح محل التجارة، وانا لا اجيد هذه المهنة، ولست شاطرا بأمور البيع والشراء، وأغرب ما في الحكاية انني اسير حينها وكأني ألقن تلقينا... ولا أعلم أي جهة اريد لكني أسيرها بنجاح يدهشني... قال صاحبي ومحدثي: كبر الحاج وكان له اربعة اولاد قد رباهم على خدمة (التكية) وحين وهن العظم منه، وأشرف على الموت، جمع أولاده ليوصيهم: لقد تركت يا أولادي لكم تجارة رابحة، ومحلات وضياع، واموالا كثيرة، فتقاسموها خمستكم بمحبة الله بالعدل والرضى.. قال الابن الاكبر مستفسرا: يا أبي نحن اربعة فمن هو خامسنا؟ قال: يا بني... كان الناس حين يقبلون على محلنا الصغير، يعاملونه معاملة (التكية) ثقوا ان التجار يخشون التعامل مع محلاتنا، لكون هذا المحل شيِّد من انفاس المولى الحسين ع فاجعلوا (التكية) خامسكم... وها نحن الى اليوم نصرف من خيرات هذه الشركة مع فائض ما يتبرعه الأولاد والباقي نتبرع به للمواكب الأخريات... فتيقن أيها الصحفي ان الحسين ع معنا بكل شيء، وليس بالتمويل وحده...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat