قصة الخضر وموسى (عليهما السلام) درس قرآني في الاتباع… .
د . عباس عبد السَّادة شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لم تكن القصص التي سردها القرآن الكريم مجرد حكايات للتسلية، أو التدوين التاريخي المحض، بل كانت دروسا في الاعتبار ، وقد صرح القرآن الكريم بهذا في قوله تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } يوسف من: 111، وفي هذا المقال نريد أن نقف عند قصة الخضر وموسى (عليهما السلام)، ونتأمل الدروس التي يمكن أن نستفيدها منها، ولاسيما في ظل أوضاعنا الحرجة حيث الفتن المقبلة كقطع الليل المظلم.
تبدأ القصة بلقاء النبي موسى وفتاه الخضر (عليهم السلام جميعا) ، وطلبه الاتباع إذ يقول تعالى: { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا } الكهف: 66، ويشترط الخضر عليه التسليم في الاتباع كما يحكي ذلك قوله تعالى: { قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا } الكهف: 70، وتستمر القصة بخرق الخضر للسفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار، حتى قال الخضر (عليه السلام) {.. هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}الكهف:78.
وإذا تأملنا القصة الشريفة يمكننا استخلاص دروس عدة في التعامل مع القيادة الدينية التي جعلها الله لنا نبراسا، وأمرنا باتباعها إما مباشرة كالأنبياء والأئمة، أو على لسان وصي أو إمام مفترض الطاعة، على بيان تتمثل ب:
1. شرط اتباع موسى (عليه السلام) للخضر أن يعلمه مما علم رشدا، فهكذا التابع يريد أن يتعلم من متبوعه، لا أن يشترط في اتباعه أن تعمل قيادته بما يهوى هو، ويريد أن يفرض على القائد الشرعي للأمة (المتمثل اليوم بالمرجعية الشريفة) أن يعمل بما يراه هو (المكلف) لا بما تراه المرجعية التي تنظر بأفق أوسع.
2. ويشترط المتبوع أن يكون التابع مسلما له في مسيرة الاتباع، لا أن يكون مشككا تميل به الريح حيث مالت.
3. نجد في الحوادث التي اعترض عليها النبي موسى عليه السلام، أفعالا تستحق الاعتراص والإنكار بحسب الظاهر والحسابات المادية، لكن الخضر عليه السلام كان ينطلق من حسابات غيبية لم يطلع الله تعالى عليها موسى عليه السلام، وهكذا القيادة الشرعية في كل زمن، ليس كل مواقفها مبتنية على حسابات مادية يمكن أن يدركها المكلف التابع فيفهم مغزاها، ومن ثم يحق له الاعتراض والإشكال على مواقف القيادة المتمثلة في زماننا بالمرجعية الشريفة، فليس واجبا علينا معرفة المصلحة من المواقف، وإنما الواجب علينا البحث بصورة شرعية عن القيادة الحقيقة وفق المعايير السليمة والموازين العلمية الموثقة، لكي نصل لقيادة شرعية تمثل أهل البيت عليهم السلام، في صمتها وكلامها، وكل مواقفها.
وختما أخشى أن تفارقنا المرجعية الشريفة لكثرة اعتراضنا وتشكيكنا بمواقفها، فيكون جزاؤنا ((هذا فراق… ))
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . عباس عبد السَّادة شريف

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat