المرجعية الدينية وتزييف المعايير ........ (الحلقة الخامسة)
د . عباس عبد السَّادة شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عباس عبد السَّادة شريف

الفقهاء والتفسير
يثار إشكال حول المرجعية في ما يخص التفسير إذ يتهمها البعض بأنها لا تملك القدرة على التفسير، وبعض الإخوة يفهم من التركيز على علوم (الفقه والأصول والرجال) أن المراجع لا يقدرون على التفسير ويستدل على هذا بعدم وجود مؤلفات تفسيرية.......
ويمكن الإجابة على هذه القضية بـ :
أولا/ ((إن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود))، فعدم وجود مؤلف تفسيري لبعض الفقهاء لا يدل على أنهم فاقدون لملكة التفسير، وكيف يتصور عدم قدرة الفقيه على التفسير والقرآن الكريم أول مصادر التشريع، فكي يستنبط الفقيه الأحكام من القرآن الكريم إذا لم يكن قادرا على تفسيره، ولو تصفحنا تاريخ العلماء الفطاحل لا نجد أكثرهم قد ألف في التفسير فمثلا هل يوجد تفسير لأحد السفراء الأربعة للإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف) الذين لا يشك في علمهم وأهليتهم لقيادة الأمة.....أو هل يوجد تسير للشيخ الصدوق أو الشيخ الكليني، أو الشيخ المفيد أو الشيخ الأنصاري أو الآخوند (صاحب الكفاية) أو الميرزا النائيني أو ..........، وهل يمكن أن نطعن بفقاهة هؤلاء أو عدم أهليتهم لقيادة الأمة لأنهم لم يؤلفوا في التفسير.
ثانيا/ تفسير الفقهاء لآيات الأحكام القرآنية واستنباطهم الأحكام الشرعية منها دليل على قدرتهم على التفسير.
ثالثا/ إن التفسير ليس علما مستقلا بقواعد خاصة يجهلها الفقهاء ويعلمها غيرهم، وإنما هو عملية استنباطية أشبه بالعملية الاجتهادية تسلط على النص الشريف لاستنباط المعاني التي يريدها الله تعالى من خلال الاستعانة بعلوم أخرى يتخذها المفسر أدوات لفهم النص القرآني المقدس.
فالمفسر يحتاج قواعد اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم فلا بد من معرفة قواعد لغته لتفكيك عباراته وقواعد اللغة تدرس في مرحلة المقدمات من الدراسة الحوزوية.
ويحتاج المفسر أيضا الرجوع للروايات الواردة في تفسير آيات الكتاب الشريف ومعرفة صحيحها من غيره، وهذه مهمة علم الرجال الذي يعد أحد العلوم المؤهلة للاجتهاد.
ويحتاج المفسر أيضا الإحاطة بالحوادث التاريخية لمعرفة السنن التي تسير عليها الأمم الأخرى في سلوكياتها المختلفة، ومن يراجع البحوث الاستدلالية للفقهاء يجد إحاطة واسعة في التاريخ من خلال عرض المسألة المبحوثة تاريخيا وتناول جوانبها.
ويحتاج أيضا القواعد العقلية التي يقف من خلالها على استجلاء المعاني وفهم المقصود وفي علم الأصول يجد القواعد العقلية الكافية في فهم المراد وتحصيل المطلب .......
فإذا كانت أدوات المفسر شبيهة بأدوات المجتهد فلماذا ننفي عن المجتهد صفة التفسير ........
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat