ونحن نعيش أجواء استقبال شهر العزاء الحسيني والنهضة الحسينية، شهر البكاء والتعلم، شهر العَبرة والعِبرة، ونحن نستذكر إمامنا الحسين الشهيد عليه السلام الذي ذبح عطشانا بكربلاء، فنبكي لمصابه ونلطم الصدور والرؤوس، ونأخذ منه الدروس والعبر في نصرة الحق والثبات عليه، تطالعنا في جانب آخر أصوات نكرة تحاول زعزعة الثقة بالروح الحسينية العزائية من خلال طرح عدد من المغالطات والتشكيكات بالعزاء الحسيني المقدس، ومراسم إحياء الذكر العاشورائي، ويسعى بعض المؤمنين للرد على المقولات المشككة، وبيان مغالطتها وزيفها ، وفيما يتعلق بهذا الموضوع فإن الرد المباشر قد لا يكون مناسبا لأنه:
1. يسهم في انتشار هذه الأفكار أكثر ويعطيها مساحة.
2. يأخذ وقتا يفترض أن يستثمر في إقامة العزاء ونشر الشعائر وتكثيف وجودها ولاسيما في الأيام العشرة الأوائل من محرم الحرام التي ينبغي أن يكون العزاء فيها مكثفا ولعل من أهداف نشر التشكيكات هو إشغالنا بالرد عليهم عن نشر مظاهر الحزن والعزاء.
3. هنالك كثير من النكرات يريدون أن ينتشروا من خلال طرح التشكيكات والأفكار المبنية على مغالطات منطقية فلا داعي لإعطائهم الفرصة.
وفي الوقت نفسه قد لا يكون السكوت التام مناسبا، خشية انتشار هذه المغالطات والتشكيكات وتأثر ضعاف الوعي والغافلين بها، ولعل من المناسب أن نتخذ حلا وسطا مبنيا على طرح ونشر أفكار مضادة للتشكيكات من دون الرد المباشر عليها مثل:
1. إقامة العزاء على أبي عبد الله عليه السلام ليس لحاجة الحسين عليه السلام له وإنما لحاجتنا نحن للتقرب إليه بالعزاء.
2. الأئمة عليهم السلام يقولون :((أحيوا أمرنا)) وبعض العقول تتفلسف بعدم الحاجة للبكاء وغير ذلك فأيهما نتبع.
3. الحسين عليه السلام عَبرة وعِبرة ولكل منهما مجالها فمجال العَبرة إقامة العزاء ومجال العِبرة أخذ الدروس منه ونشر مبادئه فلا يصح أن نطالب العَبرة بنشر المبادئ الحسينية ونقول ماذا يقدم البكاء لأن هذا ليس مجالها، وإن كان العزاء لا يخلو من نشر للقضية الحسينية لأنه يعرف الناس به من خلال إلفات النظر لمراسم العزاء فيبحث المنصف في أسباب ذلك لبتعرف على النهضة الحسينية المباركة.
4. الشعائر الحسينية والمبادئ الحسينية ليسا نقيضين حتى نطالب بترك الأولى والعمل بالثانية إذ يمكن الجمع بينهما وهذا ما كان يفعله إمامنا الصادق ع ومن سبقه ومن تلاه من الأئمة عليهم السلام.
وفي الختام أذكر الجميع بقول السيدة زينب عليه السلام للإمام السجاد عليه السلام: ((مالي أراك تجود بنفسك يابقية جدي وأبي وإخوتي؟! فوالله إن هذا العهد من الله إلى جدك وأبيك، ولقد أخذ الله ميثاق أناس لاتعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في أهل السماوات، أنهم يجمعون هذه الأعضاء المقطعة والجسوم المضرجة فيوارونها وينصبون بهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء لايُدرَس أثره، ولايمحى رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلاظهورا، وامره إلا علوا))، فليهنأ الشعائريون وليرعو المشككون والمغالطون.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat