قصّة حياة الموظّف العراقيّ
د . علي حسين يوسف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . علي حسين يوسف

تخرجُ صباحاً بعد أن ترتّب وضعك بعجالة تتناسب طرديّاً مع سرعة مروق الصّباح وقد تنسىٰ لعجالتك أحد الأزرار مفتوحةً أو يفوتك أن تصفّف شعرك جيّداً إن كانت هناك بقيّة من شَعر ، تصل مقرّ عملك فتجد ألفَ عمل وعمل ينتظرك مثل قطط متوثّبة فضلاً علىٰ تلك الأعمال الّتي تتوالد باستمرار ، تعيش في دوّامة من التّعامل الجدّي الميّت روحيّاً ؛ روتين متخشّب ، مجاملات فاهية ، ثقل بعضهم ، بساطة آخرين حدّ التّعب، الأوامر العليا ، إلحاح المراجعين ليستمر الوضع هٰكذا حتّى الثّانية ظهراً ، تعود شاحب الوجه فارغ المعدة إلىٰ بيتك الذي من المفترض أن يكون عشّك الآمن لكنّك لا تعدم الطّلبات المزعجة وتلبية المستجدّات وحلّ النّزاعات التي حصلت عند غيابك وتسكين الزّعل وتخفيف العتب واللوم ، تتناول الغداء وأنت بين حالين أفضلهما مدعاة للشّفقة ؛ بين حاجة جسمك للرّاحة وبين أداء بعض الالتزامات العائليّة والاجتماعيّة ، لذلك تخرج من البيت مجدّداً ملتزماً بموعدٍ مع صديق أو لعيادة مريض أو لحضور مأتم أو للمشاركة في حفل فرح لا فرح فيه ، وما أن تنتبه لنفسك حتّى تجد نهارك أزف علىٰ الانقضاء كدّاً وركضاً وقد ولجت ليلك متعباً فتعود ثانية لبيتك بهيكلك الذّاوي لتنام مثل جسد مسجّى ثمّ لتصحو بعد رحلة من أحلام لا طعم لها ولا لون . . . ويتكرّر المشهد .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat