حذفت الكثير من القصص؛ كي لا تتهم قصصي بالتهيؤات، أو خشية أن أترك طابع التخريف على أدب الفتوى، لكن ماذا أفعل إن كان واقع المعركة يحمل الكثير من الخوارق الانسانية المدهشة، رغم أنها حقيقية ولها أبطالها وشهودها من رأوا الخوارق رؤية عين.
مهمتنا توثيق ضمير الحشد، وروحية المقاتل، وروحانية المواجهة، في مساء يوم من أيام تموز والحرارة على أشدّها أثناء زخم المواجهة، كنا نبحث عمّن يرصد لنا مساقط النار، ومكامن القنص، ونترقب بدقة تلك (الزواغير).
الذي حدث أن مقاتلا خرج من بيننا الى ساحة المواجهة دون سلاح، تقدم أمام الدواعش، ذهلنا في البداية، لكننا أدركنا المسألة، خرج ليكشف لنا مصادر القناصين والرماة، ونعرف كثافة النار لمعالجتها، وفعلا حصدنا الكثير من الدواعش.
كل الحرب كانت في كفة ومعرفة هوية هذا الفدائي الذي جلب النصر بقوة في كفة أخرى، القضية أكبر من رواية شاهد، الغريب المذهل أن مع كثافة النار الموجهة ضده لم يسقط أرضا، رصاص كالمطر على جسد إنسان، صار لهم هدفا، مشهد أدهش الجميع من الطرفين، لكننا ننظر الى محنتهم مع هذا الرجل المقاتل، استعملوا معه جميع أنواع الأسلحة، لم تكن القضية حدثا وانتهى؛ لأن المعركة انتهت دون تضحيات ولا شهيد نملك في هذه المواجهة التي كبدتهم العشرات من القناصين.
السؤال أخذ طابعا آخر: من هو، وما شكله؟ ومن أي المواضع خرج، مقاتل ذهب بلا عودة، دون أن يترك عندنا اسما أو هوية، جردنا الأسماء ولم نتعرف عليه، هل يعقل أن يكون هو رجل غيب!
واشتغلت التخمينات، الأعصاب التي تحتمل الحرب والقتل والتفجير والمفخخات المزروعة في كل طريق، لكنها تعجز عن تحليل القصة وجعلها من أمور الواقع المرئي، كان كلّ شيء في القضية لافتا للنظر، وأكبر مما يصدقه عقل.
الزمان كفيل أن ينسينا الأمر، ومرّ زمان وأحداث كثيرة وقصص غريبة وبقي هو في الذاكرة التي لا تموت، تمزقت خلايا الصبر بهجوم داعشي عنيف، حشدوا له امكانيات كبيرة لتهشيم مرتكز الفوج، ولم تبقَ سوى خطوات على اسدال الستار لمقاومة تناثرت أمام زخم النار، ويبدو انهم قرروا الانقضاض علينا، واذا به يخرج وبيده سلاح خفيف، فراح الرعب يفضحهم، وتقهقر هذا الجمع أمام مقاتل واحد، مقاتل يحصد جيشا لوحده، وبهذه الأوضاع المذهلة وليس في تفكيرنا سوى أن نعرف من هو المقاتل الذي يأتينا ينهي حصاده ثم يغيب.
ولأن المواجهة قريبة هذه المرة، صار باستطاعتنا أن نراه، تفاجأ الجميع وهم يصرخون انه شهيد العتبة العباسية المقدسة، إنه السيد مؤيد (رحمة الله عليه).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat