صفحة الكاتب : كرار الحجاج

السياسة العراقية وإختلاط الثوابت بالمتغيرات
كرار الحجاج

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أول خطأ دارج إنتشر شعبيا بين ما يسمى بالنخب السياسية بل وحتى بين العاملين في مجالات الحياة المختلفة فهم الخطأ لمفهوم "فن الممكن في السياسة " الذي يعرفونه بأنه العمل خلاف الثوابت حسب الممكن ضمن المتغيرات . مع أن علاقة الثابت والمتغير تكمن في أن المتغير يكون وسيلة للحفاظ وتدعيم الثابت او على الأقل عدم المساس به في التعامل مع المتغيرات وما  تنتجه الظروف ويطرأ على الواقع ، خصوصا في العمل السياسي الإسلامي مع الأخذ بنظر الإعتبار عدم إعفاء غيرهم من العاملين الآخرين في ذلك بغية الوصول الى الهدف الذي يبتغون.  وتعود مسالة اختلاط الفهم بين الثوابت والمتغيرات الى عدة أسباب منها  :

 ١- عدم تحديد ما هي الثوابت وما هي المتغيرات والتي تتحدد عادة وفق العقيدة الإنسانية والدينية والوطنية ومصالح الشعب.

 ٢- المصالح الآنية والفئوية التي تقلب الثابت متغيرا وبالعكس وإيجاد ثوابت فئوية ربما تتضارب مع ثوابت أخرى وعدم خضوع المجاميع والأفراد سياسيا ومجتمعيا إلى ضوابط تفرض او تدعم الثوابت العامة .

٣- قلة او غياب ثقافة الثوابت مجتمعيا وهذا يرجع إلى أسباب بعضها ما ذكرناه إضافة غياب هذه المفاهيم في مناهج التربية والتعليم فضلا عن الدور التربوي للأسرة وهذا ما ينعكس سلبا على ثقافة النخب السياسية وغيرهم من العاملين.

 ٤- غياب الخطاب الإعلامي الموحد الهادف الذي يدعم الثوابت ويوجه لترسيخها ووجود خطاب مضلل يغير الثوابت او يرفضها ويطعن فيها ويحاول تمييعها والغائها.

5 –البيئة الداخلية والخارجية الصعبة التي تفرض تعاملاتها احيانا اضافة حداثة التجربة السياسية وقلة الخبرة وعدم النضوج واهمال دراسة التجارب الاخرى وما يطرأ على الساحة من مستجدات وظروف وخطط .

6 - غياب المراجعة المستمرة للخطط والاهداف وطرق تحقيقها وما تحقق وملائمتها للمبادئ والمثل , والنرجسية في التعامل مع اي نصح او نقد لخلل هنا او هناك .

 إن هذه الأسباب وغيرها تمثل عوائق واقعية في طريق الحفاظ على الثوابت في مسيرة تختلط فيها المفاهيم ويسيطر فيها غالبا الأقوى والأدهى والأكثر دعما ويتعرض فيها صاحب المبادئ إلى هزات عنيفة تستهدف كيانه المادي والمعنوي وما يرتبط به خصوصا وهو يعيش وسط معسكر يكثر فيه المكر والخداع وتتحكم فيه الماديات  . وعليه فإن الفرد والجماعة أمام مسارين في العمل في خيار التصدي للمسؤولية ، مسار الوعي الحقيقي الهادف الذي يحدد ويحتفظ بالثوابت ويتعامل مع المتغيرات بحذر بما يحفظ ثوابتها وهو ما ينبغي على أي عامل وعمل هادف قيمي السير فيه رغم صعوبة المهمة ووعورة الطريق . ومسار تختلط فيه الثوابت والمتغيرات وتتصدر فيه المصالح وهو ما نعيشه اليوم مع شديد الأسف ، مع وجود مسار ثابت بدأ يتصدر الواقع شيئا فشيئا يتمثل بمسار الإنكفاء والإنعزال وهو مسار له ظروفه ومبرراته التي نحترمها، ولكنه لن يكون حلا ناجعا في مسيرة التغيير والتصحيح .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كرار الحجاج
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/12/16



كتابة تعليق لموضوع : السياسة العراقية وإختلاط الثوابت بالمتغيرات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net