صفحة الكاتب : جنة العامري

عراق اليوم صراع الغد
جنة العامري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ما زال الصراع يعتمل ويشتد بين المتبارين في أي مجال كان؛ رياضيا, سياسيا, فنيا او غيرها, حتى يصل ذروته لإسقاط الخصوم والإطاحة بهم بأي شكل من الإشكال, إلا إن منظومة الحياة بكل تفاصيلها لا بد من إخضاعها لعد عوامل وضوابط تحكم مسيرتها وتنظم أمرها, وتكون الحد الفاصل بين طرفي النزاع وحسم نتائج المعادلة وفق منهجية واضحة والية لا تقبل الشك او التسويف او المماطلة, ومن دونها ستتحول الحياة قطعا إلى حلبة صراع دائم وفوضى عارمة لا انقطاع لها, وبالتالي, وبغض النظر عن الأفكار المتضاربة و الرؤى المختلفة في تفاصيل واليات المنهجية المتبعة, إلا انه وبالنتيجة لا يختلف اثنان على أهمية وضرورة وجود ضابطة حاكمة تخرج بنا من دائرة الفوضى نحو حياة مستقرة هانئة أو حتى شبه هانئة.

كيف يمكن الوصول إلى واقع وطن يعمه السلام بغياب حاكم عادل ذو نظرة ثاقبة؟! ومتى ينتهي صراع المتبارين, والى أي جهة ستحسم النتائج في ظل الية ومنهجية مطاطة شبه معتمة؟!

العراق, ورغم كل ما يتمتع به وما يمتاز دون غيره من قدرات بشرية وثروات طبيعية حباه به الله وميزه, أصبح أسير رغبات شخصية وحكم عوائل اقل ما يمكن وصفها بالشيفونية المستجدة الفريدة من نوعها, بطابع يمتاز بأغلفة جميلة ملونه تسر الناظرين وتبهر أعين السذج من الحالمين, هؤلاء الذين ينساقون خلف زبرج الأشياء وما ظهر منها.

بعيدا عن السرد المنمق وصوره المملة التي لا تجدي نفعا ولا تروي ظمأ, ولا تغير من ملامح الواقع الآسن شيء سوى تخرصات كاتبها؛ إن سر الأزمات التي عصفت بالعراق يا سادة الكرام, تكمن بالإضافة للعوامل الأخرى بجزئية مهمة واحدة, وهي غياب الحنكة في إدارة الأزمات وتجاوزها, وهذا لا يمكن تحقيقه في روحية المتصدي وإيجاده دون التحرر من نزعة "ألانا " والذات والتمسك بالمصالح الشخصية وتدعيم قوائمها على حساب الوطن والمصلحة العامة, والتجرد من قيود الطائفة والقومية والمذهب, مع الحفاظ روحية الانتماء وقداسته, لا أزمة مالية هناك ولا أزمة خدمات أو صحية أو تربوية وغيرها من القطاعات الأخرى, بل إن الأزمة في حقيقتها هي أزمة إرادة وإدارة فحسب.

في مراجعة سريعة لحجم الواردات والموازنات المالية في السنوات السابقة, سنجد هناك بون شاسع بين قيمة المبالغ المرصودة لقطاع الكهرباء على سبيل المثال وبين المنجز المتحقق على ارض الواقع, فمنذ عام 2005 وحتى ألان أكثر من 81 مليار دولار تم صرفها على قطاع الكهرباء! ولم يشهد العراق حتى اللحظة أي تطور ملحوظ في هذا القطاع, بمعنى المبالغ يمكنه تأمين وتغطية وحل ازمة قطاع الإسكان من جذورها وتوفير السكن الملائم وبأفضل طراز لجميع العراقيين, في حال تم استخدمه في محله الصحيح.!

هذا بالإضافة للمبالغ الضخمة التي ترد من المنافذ الحدودية والتي تعبر حاجز 100 مليار دينار شهريا, والتي يصل منها فقط ما نسبته 10% لخزينة الدولة, كما ينبغي علينا أيضا تسليط الضوء على الإيرادات المتحققة من مزاد بيع العملة في البنك المركزي والتي تكفي لتوظيف وتشغيل 287 إلف مواطن شهريا براتب مجزي! في حين إن هذه المبالغ تذهب إلى جيوب المصارف الأهلية وشركات الصيرفة التابعة لبعض الشخصيات الحزبية المتنفذة.

وكما أيضا والشيء بالشيء يذكر؛ وهي إحدى عجائب الدولة العراقية, إن مخصصات الرئاسات الثلاث ( البرلمان ورئاسة الوزراء والجمهورية) تبلغ قرابة 2,432 تريليون دينار عراقي لكل ثلاثة أشهر, أي ما يعادل قيمة بناء مئات المجمعات السكنية متوسطة المساحة كل ثلاث أشهر, ناهيك عن إيرادات النفط والسياحة وغيرها.

هذا هو الواقع العراقي يا سادة, الأزمة ليست أزمة أموال بل هي بالحقيقة أزمة رجال, وأزمة نزاهة.

إن الخط الفاصل في حسم صراع المصالح الشخصية وقطع الطريق على السراق والفاسدين مازال في قبضة المواطن نفسه, فهو المتحكم بشكل أو بأخر في إعادة هيكلة كل مجريات الأحداث و صياغتها, بما يضمن له الحياة الكريمة في حال ذا ما استطاع هو الأخر التجرد من تأثيرات الصنمية المقيتة, والنظر بواقعية والتجرد في خياراته الانتخابية القادمة والخروج من الأطر الفئوية والمذهبية والقومية, التي طالما كانت هي الأداة في ارضاخ المجتمع لسلوك القطيع وتأثيرات العقل الجمعي لصالح الذوات من المتنفذين.. والقائد الحقيقي هو من صنع نفسه بنفسه ولا ينتظر انتهاء المعركة بل هو من ينهي المعركة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جنة العامري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/19



كتابة تعليق لموضوع : عراق اليوم صراع الغد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net