في رحاب الإمام العسكري - عليه السلام - قراءة في دلالة اللقب
د . عباس عبد السَّادة شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عباس عبد السَّادة شريف

من الثابت لدينا أنَّ لكل إمام من سادتنا الاثني عشر - عليهم السلام - لقباً عرف به واختصَّ، واشتهر أكثر من غيره له، زيادة على ألقاب أخرى، وقد وردت تلك الألقاب في روايات مثبتة إياها.
والملحوظ أنَّ ألقاب الأئمة - عليهم السلام - المشهورة تحاكي صفة للإمام - عليه السلام - شاعت في زمانه له، واقتضت ظروفه أن تبرز شخصيته بتلك الصفة بالرغم من اشتراك جميع المعصومين بصفات الكمال نفسها.
لكن نلحظ أنَّ الإمام الحادي عشر الحسن بن علي - عليهما السلام - قد اشتهر بلقب (العسكري) نسبة لمدينة (العسكر) التي قضى عمره فيها، وفيها دفن حيث مرقده المطهَّر اليوم.
فقد ورد "عن أبي خالد الكابلي قال : دخلت على مولاي علي بن الحسين - عليه السلام - وفي يده صحيفة كان ينظر إليها ويبكي بكاءً شديداً .
فقلت : ما هذه الصحيفة ؟
قال : هذه نسخة اللوح الذي أهداه الله تعالى إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - فيه اسم الله تعالى ورسول الله، وأمير المؤمنين علي، وعمي الحسن بن علي، وأبي، واسمي واسم ابني محمد الباقر ، وابنه جعفر الصادق ، وابنه موسى الكاظم وابنه علي الرضا وابنه محمد التقي ، وابنه علي النقي ، وابنه الحسن العسكري ، وابنه الحجة القائم بأمر الله المنتقم من أعداء الله الذي يغيب غيبة طويلة ثم يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً" إثبات الهداة : ١/ ٦٥١
وهو الإمام الوحيد الذي ارتبط لقبه بمدينة لا صفة أو عمل شاع عنده، ولعل المتأمل بظروف الإمام العسكري - عليه السلام - في هذه المدينة التي دخلها بعمر سنتين مجبورا كالسجين مع أبيه الإمام الهادي - عليهما السلام - ولم يخرج منها حتى دفن فيها، وهو الإمام الوحيد الذي لم يذهب للحجِّ (بحسب الظاهر من حياته)، ومن ما عاناه الإمام الحسن العسكري - عليه السلام - في هذه المدينة من الغربة، والتضييق والسجون يتَّضح للمتأمل أنَّ لقب العسكريَّ فيه إيحاء بالمظلوميَّة التي عاشها الإمام - عليه السلام - في هذه المدينة، لتكون مظلومية (العسكر) أبرز مفاصل حياته المباركة حتى مضى شهيداً مهتضماً.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat