على أن لايكون النص منشوراً
ابتسام ابراهيم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابتسام ابراهيم

قبل عدة سنوات من الان ارسلت لي صديقة -كان نصيبها من القدر ان تتزوج قريبها المقيم في احدى البلدان العربية الشقيقة- رسالة تطلب مني فيها الاشتراك بمسابقة شعرية تقيمها الدولة التي تسكنها مرفقة بشروط المشاركة و التي كانت على المستوى المحلي لذا تساءلت عن جدوى انضمامي اليهم وهي خاصة ببلدهم فاخبرتني انهم الان يفكرون بتوسيع دائرة الشعراء لتشمل المحيط العربي ولمحبتها تذكرتني بعد سنين طوال من الفراق .
قرأت شروطهم فوجدتها شروطا هينة لا تكبل الشاعر بقيود خصوصا لمن قد يركنون على الرفوف لاعتبارات اخوانية، وكان من بين الشروط (يشترط في النص ان يكون منشورا في صحيفة او مجلة او كتاب او موقع الكتروني مع ارسال صورة للنص المنشور مرفقة مع النص الاصلي).
عندها اجريت بحثا عن المسابقات الشعرية في العراق فوجدتها متباينة بين هذا وذاك بين ان يكون النص قد اخذ طريقه الى وسائل الاعلام وآخر رغبوا في بقاءه حبيسا بين اوراق الشاعر نفسه ،هنا تحدث المفارقة التي اتحدث عنها ،فما جدوى ان يشترك الشاعر في مسابقة لم يطلع عليها المتلقي ولم تتلقفها العيون وتحظى بآراء ثلة لها باعها في الشأن الشعري ؟
ما اهمية ان يكون النص معلقا في دفاتر الشاعر او حاسوبه لمجرد انه يريد ان يشترك في بمسابقة خصوصا اذا علمنا ان النص الشعري هو وليد اللحظة والموقف فبعض النصوص تفقد خاصيتها بمجرد ان ينتهي الحدث الذي كتبت لأجله ولا اقصد هنا انها تفقد جماليتها لكنها في حينها قد تحرك المشاعر وتلهم الاخرين للتذوق الشعري وتستعير عقول الافذاذ للإطلاع عليها.
قال لي احد الزملاء ذات يوم متحدثا عن مسابقة شعرية اشترك فيها "اضطررت ان اكتب لها شيئا على عجل فلم اجد خيالا يعصف بي او موقفا يشدني طيلة الفترة المخصصة لاستلام النصوص لأنني ازف قصائدي الى وسائل الاعلام حالما اكون مقتنعا بها ومستوفية لأوجاعي ومشاعري بعد ان اقوم بعملية غربلة للزوائد التي ترافقها.
هنا يكمن الموقف "كتب نصا على عجل" لان الخيال قد خانه والصورة الشعرية لم تسفعه لامتطاء صهوة الكلمات فاضطر ان يكتب شيئا سيكون شبيها بنص الفنان عادل امام في مسرحية الزعيم (وله منا كل الاحترام والتقدير)
لم اكتب هذا من باب الانتقاص او زجّ رأي قد لا يتقبله اصحاب الحل والعقد في الوسط الثقافي لكنها حالة يجب الالتفات اليها ومراعاة للشاعر كي يكون على اهبّة الاستعداد حين تطرق بابه المسابقات ومجاراة اقرانه في الوسط الثقافي لا ان يكون مقيدا بقيود قد لا يكون لها من الاهمية بالنسبة لمستوى النص المكتوب فالمتلقي هو من يرتشف الحروف الشعرية في روحه و بعض نقاد مواقع التواصل الاجتماعي يبحثون دوما عن كل ما هو جديد ليرفدوا اروقة الصحف بمقالاتهم المميزة التي كانت ومازالت بابا لاكتشاف المواهب الشعرية وتميييز الغث من السمين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat