صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

الرد على احمد القبانجي في محاضرته (نقد الاعجاز القرآني) - 5/10
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم

 
يعترض احمد القبانجي على قوله تعالى: ((يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)) ، ويقول ان اللؤلؤ والمرجان "مال ملوك والعرب الجاهليين اصلا ما شايفين لؤلؤ ، اللؤلؤ والمرجان بس للملوك ، انت خاطب الملوك" بحسب تعبيره ، وهذا وهم منه لأن تجارة اللؤلؤ والمرجان كانت منتشرة في السواحل العربية والعرب كانوا يعرفونه ، نعم قد يكون ضئيل الاقتناء من قبل العرب بسبب حالة الفقر العامة ولكن هذا لا يعني ان من لا يقتني شيء لا يعرفه !! ومن المعلوم ان اشهر مناطق استخراج اللؤلؤ والمرجان في العالم هي منطقتا الخليج قرب البحرين والبحر الاحمر. وهي سواحل عربية كما هو معلوم.
ويعترض احمد القبانجي على مخاطبة القرآن الكريم للجن بنعمة اللؤلؤ والمرجان فيقول: " والجن ممعلوم انهم يلبسون اللؤلؤ والمرجان ، هذه اشياء مادية" ، وقد فات احمد القبانجي بأنَّ الجن مخلوقين من مادة حيث ان الله سبحانه يخبرنا بأنهم مخلوقين من مارج من نار ، فإخبار الله عزَّ وجل بان اللؤلؤ والمرجان هو من النعم الالهية على الجن يحسم كونهم فعلاً يستفيدون منهما وانهما نعمة عليهما اذ لا مانع عقلي يحول دون القول بانهما نعمة عليهم.
ولنفترض ان الجن لا يستفيدون من اللؤلؤ والمرجان ، فمن المعلوم ان مجمل النظام الكوني هو نعمة الهية على الانس والجن معاً وانه لولا الحياة البشرية على الارض لما بقي الجن فيها ولحدث الفناء لأن وجودهم مرتبط بوجود البشر فيها فكل نعمة على البشر هي نعمة عليهم بصورة غير مباشرة. 
ويعترض احمد القبانجي على قوله تعالى: ((سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)) ، ويقول: " يهدد سنفرغ لكم ايها الثقلان ، ومع ذلك يقول فبأي آلاء ربكما تكذبان" ! عجباً لأحمد القبانجي اًليس التهديد لمن يخالف القانون هو اسلوب صحيح لردع المخالفة والخروج على القوانين ولذلك وضعت العقوبات في القوانين ، وهكذا فان الله سبحانه يهدد ويتوعد خلقه بالعذاب اذا خالفوا اوامره وفي ذلك اصلاح لهم وردع لهم عن الافساد في الارض ، وهي نعمة الهية عظيمة اي نعمة وضع القوانين ونعمة العقاب للمفسدين. 
ويقول احمد القبانجي عن قوله تعالى: ((يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)) ، يقول ان المسلمين يقولون بان لالآية تدل على الاعجاز العلمي حيث تخبر ان الانس والجن لا يتمكنون من يسافروا في السماء الا بسلطان اي بالطائرات والصواريخ ثم يزعم ان المسلمين لم يلتفتوا الى الاية التي تليها وهي ((يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ)) فيقول:" الآية تقول مستحيل توصلون للقمر والجماعة وصلوا وتحدوا رب القرآن ورجعوا سالمين " ! وهذا فهمه فيه اخطاء كثيرة ، فمن جهة فهو يؤكد ان البشر وصلوا للقمر بسلطان كما ذكرت الآية الكريمة. ولكنه فاته ان ارسال الشواظ من نار ونحاس انما يكون في حال العقوبة الالهية ومن سافر في الفضاء الى القمر لم يقترف ما يوجب العقوبة الالهية بل إنَّ كل ما وصل اليه الانسان في الفضاء انما كان بإذن الله سبحانه. فلا معنى لقول احمد القبانجي ان رواد الفضاء وصلوا الى القمر وتحدوا رب العزة لأن ذلك لم يحدث حقيقة اي ان رواد الفضاء لم يتحدوا الله سبحانه فلماذا يفتري عليهم. هو يظن انه بمجرد ان يخرج الانسان من جو الارض الى الفضاء يكون محكوماً بإرسال الشواظ عليه وهذا الامر لم تدل الآية الكريمة عليه بل هو محض افتراء وهراء. 
ان هذه الآية الكريمة المتضمنة ارسال شواظ من نار ونحاس تدل على ان الانس والجن مهما تقدم بهم العلم ومهما حصلوا عليه من سلطان فإنهم لا مهرب لهم من يد العدالة الالهية ان تنكروا لنعم الله سبحانه وافسدوا في الارض. فلا فرار من قدرة الله سبحانه ولا مهرب من حكومة العدل الالهي العظيمة.
وينتقل احمد القبانجي في سلسلة شبهاته لقوله تعالى: ((فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)) ، ويبدا بالتطاول على بلاغة القرآن فيزعم ان التشبيه المذكور في الآية القرآنية غير معقول ويتمادى فيزعم ان امثال القرآن الكريم غير معقولة !! وينتقل للتطاول على آية اخرى هي المذكورة في سورة النور قوله تعالى: ((اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)). فيحاول احمد القبانجي التهوين من الوصف العظيم للآية الكريمة ويدعي ان هذا المثل ليس ابلغ من الممثل له  والمفروض ان يكون المثل ابلغ من الممثل له ويقصد ان معنى قوله تعالى ((اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)) اكثر فهماً من الممثل له وهو المصباح والزجاجة والمشكاة ،. والمشكلة ليست في المثل بل في فهم احمد القبانجي ، فالصورة الذهنية التي ترسمها الاية الكريمة لنور الله سبحانه هي صورة عظيمة وملخصها ان نور الله وهدايته للسماوات والارض هي مثل نور مصباح ذو زجاجة درية متقدة بزيت صافي موضوعة في مشكاة بيت من بيوت الله سبحانه حيث تنير للمؤمنين رؤيتهم وطريقهم. وهذه البساطة في فهم الآية القرآنية عرفها العرب ولم يعترض عليها احد لنه مثال واضح وبليغ ولكن احمد القبانجي يعتم على دلالات هذا المثل القرآني بإسلوب الاشاعة ضده ، فهو اما لم يفهمه فعلاً او انه يتظاهر بإشاعة عدم فهمه ! والنتيجة هي انه يستند الى الجهل في تأسيس حججه. وفيما يلي بعض التفصيل لهذا المثل القرآني العظيم:
فقوله تعالى: ((اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)) يعني انه هو سبحانه منورهما وخالق اسباب الهداية فيهما فهو تعالى نور السماوات والارض ولكن ليس هذا النور المادي الذي نراه ، والا فهل يظن احمد القبانجي ان الله سبحانه له نور مادي ـ وحاشاه تعالى ـ حتى يتصور ان معنى ((نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)) اوضح من مثل المشكاة !!؟ 
وتستمر الآية الكريمة بقوله تعالى: ((مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ)) ، والمشكاة هي الكوة غير النافذة في الجدار. اي ان نور الله سبحانه وهدايته هي كالمصباح الذي توقده في الظلام الدامس ، اليس كل من يجد نفسه في مكان مظلم يشعل شمعة او مصباحاً ليهتدي به ، فهداية الله سبحانه هي كذلك بالنسبة للانسان الذي يعيش في عالم الكفر المظلم. فهل هذا المثل صعب على احمد القبانجي استيعابه ؟!!
ثم تنتقل الآية الكريمة لبيان المصباح فتقول: ((المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ)) ، فالمصباح يحتاج الزجاجة لتحميه من الرياح ومن حركة الهواء لئلا ينطفيء ، وهذه الزجاجة كأنها كوكب دري (أي : تلك الزجاجة مثل الكوكب العظيم المضئ الذي يشبه الدر في صفائه ونوره ونقائه) على حد تعبير الشيخ الطوسي في تفسيره. والزجاجة كما هو معلوم تزيد من تلألوء الضوء ولها دور مهم في ذلك فإذا كانت درية كالكوكب الدري فهذا يعني ان ضوئها سيكون فريداً في اشراقه ونصاعته.
فما هو حال الكوكب الدري ، يخبرنا الله سبحانه: ((يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ)). فوقود هذا الكوكب الدري المشرق المضيء والمنير هو زيت الزيتون وهو انقى انواع الوقود المستعمل للاضاءة. هذه الشجرة لا شرقية ولا غربية بل هي شجرة ترمز لبعدها عن كل الانحرافات الفكرية التي قد توجد في الحياة ولذلك فنورها مرتبط بالهداية الحقيقية. كما انها لو كانت شرقية لقال جماعة من الناس انها لو كانت غربية لكان زيتها افضل ولو كانت غربية لقال الاخرون ان الشرقية زيتها افضل ، فيسود النزاع ويزداد الطعن والاختلاف في نوعيته وفي صفاء النور المنبعث منه ولذلك كان النص بأنها لا شرقية ولا غربية بل جامعة للصفات المثلى جميعها وزيتها ونوره ايضاً كذلك.
وقوله تعالى: ((يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ)) ، اذن زيت الزيتون الذي يضيء هذا المصباح هو نفسه يكاد يضيء فضلا عن ايقاده وانارته للزجاجة ، فنور زيت الزينون ونور الايقاد والزجاجة درية كلها ادت الى ان يكون النور الصادر عن المصباح والزجاجة الدرية نور مضاعف ليس له مثيل ، وهذا النور موجود في بيوت خاصة ، هي البيوت المذكورة في الآية التي تتلوها وهي قوله تعالى: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ، رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)). وهذا معناه ان هذا النور يهدي ويفيد المؤمنين مثلما ان الله سبحانه نور السموات والارض بمعنى انه مصدر النور والهدايو كما اسلفنا ، وكما ان نور الله سبحانه لا يهتدي به الا المؤمنون بالله عز وجل فكذلك نور المصباح الموضوع في المشكاة لا ينتفع به ولا يهتدي به الا المؤمنون الداخلون في حوزة الله سبحانه في بيوته التي وضعت لعبادته. 
اذن المثل المذكور في القرآن الكريم بسيط وواضح جداً كما اسلفنا وهو ان الله سبحانه منور السماوات والارض بالهداية كما المصباح ينور المساجد التي يقصدها المؤمنين. فهل هو مثال صعب لا يمكن لأحمد القبانجي ان يعرفه ويستوعبه ؟!
نعود الى الآية الكريمة التي طعن بها احمد القبانجي وهي قوله تعالى: ((فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)) ، فيعترض على وصف انشقاق السماء ووصفها بانها تصبح وردة كالدهان فيقول: " انشقت السماء كالوردة وين التشبيه ، تشبيه السماء وانشقت السماء صارت كالوردة ، هل هذا تشبيه معقول هل هذا تشبيه بلاغي ، هذا وردة تشبه السموات المنشقة ، اي مثال  بلاغي لا يستطيع البشر ان يأتوا بمثله شوف هاي المصيبة" !  بل المصيبة في الجهل المركب الذي يكتنف احمد القبانجي ، فعلماء البلاغة العربية يعرفون هذه التشبيهات البلاغية الواردة في هذه الآية الكريمة ويستشهدون عليها بكلام العرب بينما احمد القبانجي يفضح نفسه بأنه لا يعرف لغة العرب وبلاغتهم ولا يعرف اسلوبهم ولا فصاحتهم فكيف سمح لنفسه ان ينتقد آيات كريمة هي بلسان عربي مبين ثم يتطاول عليها ويصفها بالتهافت البلاغي ظلماً وعدواناً !! ما لا يعلمه احمد القبانجي ان العرب في الجاهلية كانت تصف لون السماء في مناسبات عدة ، وهذا عبد الله بن الحسين بن ناقيا (المتوفى سنة 485هـ) يقول في كتابه (الجمان في تشبيهات القرآن) ما نصّه: (تشبيه آخر من هذه السورة: ((فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)) الانشقاق انفكاك ما كان على شدة الالتئام فالسماء تنشق وتصير حمراء كالوردة ثم تجري كالدهان وقيل قوله: ((فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)) أي كلون فرس ورد ، والكميت الورد يتلون فيكون لونه في الشتاء خلاف لونه في الصيف والدهان جمع دهن كقرط وقراط أي يتلون من الفزع الاكبر كما تتلون الدهان المختلفة ودليل قوله تعالى: ((يوم تكون السماء كالمهل)) أي كالزيت الذي قد أغلي وهم يذكرون تغير السماء في شدة الامر صعوبته وما يعهدونه من أحوالهم مثل الجدب والحرب ونحو ذلك مثله قال الشاعر: 
ومحمرّة الاعطاف مغبرّة الحشا    خفاف رواياها بطاء عهودها   
يعني سنة مجدبة اقطار السماء بها محمرة والارض مغبرة ورواياها يعني سحابها والعهود أول المطر قال بعض العرب أيضاً يذكر سنة مجدبة:
وجاءتك يا لهف لا أرى فيه      وقد سود الشمس فيه القمر 
كأنَّ النجوم عيون الكلاب       تنهض في الافق او تنحدر
أي قد حال الغبار دونها وكملت الوانها كما قال ذو الرمة:
وحيران ملتهج كأنَّ نجومه      وراء القتام الاغبر الاعين الخُزرُ
تعسفتهُ بالركب حتى تكشفت     عن الصهب والفتيان أوراقها الخضرُ
واما التقرير بالنعمة في قوله تعالى: ((فبأي آلاء ببكما تكذبان)) وليس في انشقاق السماء نعمة يقع التقرير بها وإنما التقرير وقع من جهة الزجر والتخويف بإنشقاق السماء فوق بالسبب وإنما يجب الزجر بالضرر المحض لا بما يقع فيه النفع ولكن بسبب النفع الذي هو الزجر به في دار الدنيا).
وقال بن منظور في (لسان العرب) ج31 ص162 : (وقال الفراء في قوله تعالى : فكانت وردة كالدهان ، قال : شبهها في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه ، قال : ويقال الدهان الأديم الأحمر أي صارت حمراء كالأديم ، من قولهم فرس ورد ، والأنثى وردة ، قال رؤبة يصف شبابه وحمرة لونه فيما مضى من عمره : كغصن بان عوده سرعرع ، كأن وردا من دهان يمرع لوني ، ولو هبت عقيم تسفع . أي يكثر دهنه ، يقول : كأن لونه يعلى بالدهن لصفائه ، قال الأعشى : وأجرد من فحول الخيل طرف ، كأن على شواكله دهانا . وقال لبيد : وكل مدماة كميت ، كأنها سليم دهان في طراف مطنب . غيره : الدهان في القرآن الأديم الأحمر الصرف . وقال أبو إسحق في قوله تعالى : فكانت وردة كالدهان ، تتلون من الفزع الأكبر كما تتلون الدهان المختلفة ، ودليل ذلك قوله عز وجل : يوم تكون السماء كالمهل ، أي كالزيت الذي قد أغلي).
اذن هذا التعبير (وردة كالدهان) هو تعبير بليغ ومعروف معناه ومستعمل في لغة العرب في الجاهلية واعتراض احمد القبانجي عليه نابع من عدم معرفة بكلام العرب وجهل بفنون البلاغة.
ويقول الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره الامثل: (وعلى كلّ حال فإنّ هذه التشبيهات تجسّد لنا صورة من مشهد ذلك اليوم العظيم. حيث أنّ حقيقة الحوادث في ذلك اليوم ليس لها شبيه مع أيّة حوادث اُخرى من حوادث عالمنا هذا. فهذه المشاهد لا نستطيع إدراكها إلاّ إذا رأيناها. ولأنّ الإخبار بوقوع هذه الحوادث المرعبة في يوم القيامة ـ أو قبلها ـ تنبيه وإنذار للمؤمنين والمجرمين على السواء، ولطف من ألطاف الله سبحانه، يتكرّر هذا السؤال: ((فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان)) ).
ويعترض احمد القبانجي على قوله تعالى: ((يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)) ، فيقول: " يعرف المجرمون بسيماهم فياخذ ... هذا تهديد بالعذاب بعد ليش تقول فبأي آلاء ربكما تكذبان" ! واشرنا قبل قليل الى ان (التذكير بيوم القيامة هو لطف منه تعالى) كما في التفسير الامثل ، لأن التنبيه والانذار بوقوع هذه الحوادث وتذكير الانسان بها ليتجنبها هي من نعم الله سبحانه ولذلك قال تعالى بعد ذكرها: ((فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان)).
ونفس الامر ينطبق على اعتراض احمد القبانجي على ذكر نعيم الجنة والحور العين حيث قال: "ان الانسان لم يحصل على هذه النعم الى الان فكيف يمن بها عليه ويقول فبأي آلاء ربكما تكذبان" ! واعتراضه هذا مردود لما اسلفناه من ان التذكير بهذه النعم الالهية هو بحد ذاته نعمة ليرغب اليه الانسان ويترك معصية رب العزة تعالى عما يصفون.
ويعترض احمد القبانجي على قوله تعالى: ((حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)) ، ويقول: " حور مقصورات في الخيام ، الان منو يتمنى عندة مرة بالخيمة ، اكو الفيلات اكو القصور ، جاي تمن عليه بالجنة اكو خيام" ! وهو من جهله بلغة العرب ظن ان مفردة الخيمة العامية التي نستعملها اليوم هي نفس المفردة القرآنية بينما القرآن الكريم نزل بلسان عربي فصيح. فالخيمة هي بيت مصنوع من الاشجار وليس من القماش كما توهم.
ـ قال الجوهري في الصحاح ج5 ص1916: (الخيمة : بيت تبنيه العرب من عيدان الشجر ، والجمع خيمات). 
ـ وقال ابن منظور في لسان العرب ج21 ص193: (الخيمة : بيت من بيوت الأعراب مستدير يبنيه الأعراب من عيدان الشجر ، قال الشاعر : أو مرخة خيمت (قوله أو مرخة خيمت كذا بالأصل ، والشطرة موجودة بتمامها في التهذيب وهي : أو مرخة خيمت في أصلها البقر ) . وقيل : وهي ثلاثة أعواد أو أربعة يلقى عليها الثمام ويستظل بها في الحر ، والجمع خيمات وخيام وخيم وخيم ، وقيل : الخيم أعواد تنصب في القيظ ، وتجعل لها عوارض ، وتظلل بالشجر فتكون أبرد من الأخبية... وقيل : الخيم ما يبنى من الشجر والسعف ، يستظل به الرجل إذا أورد إبله الماء . وخيمه أي جعله كالخيمة . والخيمة عند العرب : البيت والمنزل ، وسميت خيمة لأن صاحبها يتخذها كالمنزل الأصلي . ابن الأعرابي : الخيمة لا تكون إلا من أربعة أعواد ثم تسقف بالثمام ولا تكون من ثياب ، قال : وأما المظلة فمن الثياب وغيرها ، ويقال : مظلة . قال ابن بري : الذي حكاه الجوهري من أن الخيمة بيت تبنيه الأعراب من عيدان الشجر هو قول الأصمعي ، وهو أنه كان يذهب إلى أن الخيمة إنما تكون من شجر ، فإن كانت من غير شجر فهي بيت ، وغيره يذهب إلى أن الخيمة تكون من الخرق المعمولة بالأطناب) ، والثمام هو الشجر ، والاطناب هو عروق الشجر. 
ـ وقال محمد بن عبد القادر الرازي في مختار الصحاح: (ي م الخيمة بيت تبنيه الاعراب من عيدان الشجر والجمع خيمات وخيم).
ـ وقال الفيروز آبادي في القاموس المحيط ج4 ص110: (الخيمة : أكمة فوق أبانين وكل بيت مستدير أو ثلاثة أعواد أو أربعة يلقى عليها الثمام ويستظل بها في الحر أو كل بيت يبنى من عيدان الشجر).
ـ وقال الشيخ الطريحي في مجمع البحرين: ج1 ص722: (والخيم بحذف الهاء لغة . والجمع خيام كسهم وسهام . قال ابن الاعرابي - نقلا عنه - : لا تكون الخيمة عند العرب من ثياب بل من أربعة أعواد ثم تسقف).
بينما مصطلح (الخيمة) العامي يسمى في الفصيح (الخباء) ، قال ابن الاثير في (النهاية في غريب الحديث) ج2 ص9: (الخباء : أحد بيوت العرب من وبر أو صوف ، ولا يكون من شعر . ويكون على عمودين أو ثلاثة . والجمع أخبية). وقال ابن منظور في لسان العرب ج41 ص223: (خبا : الخباء من الأبنية : واحد الأخبية ، وهو ما كان من وبر أو صوف ولا يكون من شعر ، وهو على عمودين أو ثلاثة ، وما فوق ذلك فهو بيت . وقال ابن الأعرابي : الخباء من شعر أو صوف ، وهو دون المظلة).
اذن قوله تعالى: ((حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامِ)) ، يعني حور في الخيام وهي بيوت واماكن مصنوعة من الشجر ، ويمكن تقريبها بأنها كالخيام المصنوعة من الشجر والنباتات في الاماكن السياحية في مختلف دول العالم. ولا يخفى ان خيام الجنة ليست كخيام الارض. فما ا روعها من صورة ذهنية شاعرية بليغة هذه الموصوفة في هذه الآية الكريمة.
 
ويعترض احمد القبانجي على قوله تعالى: ((لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ)) ، فيقول: " باكرات لم يطمثهن انس افتهمنة ، الجن شلون ، هو صايرة بالدنيا رجال من الجن يواقعون نساء الانس. ما عدنة رجال جن يواقعوهن ، مسوي منية في الجنة ان رجال الجن لم يطمثوهن خو الان في الدنيا ايضا لا يقربوهن " ! وما لم يلتفت اليه احمد القبانجي ان الجن هم مخلوقات مادية لأنهم مخلوقين من مارج من نار فهم ليسوا كالملائكة ، فلا مانع من ان يتمكن الجن من مواقعة الانسيات والجنيات من مواقعة الرجال في الدنيا ولا يمكن لأحمد القبانجي ان ينكر شيء لمجرد انه لا يعرفه. غاية ما في الامر انه امر غير شائع بين الناس وهناك حوادث فردية هنا او هناك لا ترقى لمرتبة الدليل ولا يمكن الاستشهاد اليها كأمر يقيني ، ولكن اليقين ان القرآن الكريم يخبرنا ان الحور لم يطمثهن الجان مما يعني انهم يمكن ان يطمثوا غيرهن.
وعالم الجن وعلاقتهم بالانس هو من الامور التي يكتنفها الكثير من الغموض ، وبخصوص علاقة اناث الجن برجال الجن والعكس هناك قصص وتجارب يرويها بعض من خبروا هذا الامر وخاضوا تجارب معهم يمكن تلخيصه في اطارين:
ـ يمكن للجن ان يواقع المراة الانسية من خلال التلبس بجسد الرجل الانسي الذي يواقعها.
ـ يمكن للجن ان ياتي المراة في المنام فتحلم المراة برجل يواقعها وفي الحقيقة يكون الجن هو الذي يفعل ذلك وهي لا تعلم.
وهذه الحالات كلها وغيرها ان وجدت لا تتعرض لها الحور في الجنة ، ولذلك اخبر الله سبحانه بان الحور العين ((لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ)). 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/28



كتابة تعليق لموضوع : الرد على احمد القبانجي في محاضرته (نقد الاعجاز القرآني) - 5/10
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 13)


• (1) - كتب : ابو حيدر ، في 2011/09/30 .

احمد القبنجي شيخ الملحدين واللوطيين والقوادين والمنافقين والمأبونين وهم يحضرون مجالسه الرخيصة كرخصهم، ويؤلهونه ويعظمونه لان شبيه الشيء منجذب اليه

• (2) - كتب : قيصر ، في 2011/09/29 .

حضور الأخ نبيل المحترم
تحياتي لكم وامنياتي بالتوفيق لشخصكم
اثابكم الله على غيرتكم على كتابكم العزيز واسأل الله تعالى أن ينتقم لكتابه ، لأن هذا القبانجي اجتمع حوله كل منهالك سربوت ، شيوعي يسره أن يُساء للدين وخصوصا القرآن . فلا ترى في مجلسه إلا حثالات الناس وسوقتهم .
وقد وجدت رابط لمقال كتبه أحد ا لأخوة وقد بحثت عنه ووجدته وانا اضعه بين يديك لكي تطمأن إلى أن المدافعين كثر وليس وحدك في هذه الساحة .
اسكنك الله جنانه واثابكم على مقالكم
قيصر
الرابط
http://hajr04.homeip.net/hajrvb/showthread.php?t=403006396

• (3) - كتب : سيد جلال الحسيني ، في 2011/09/29 .

نبيل محمد حسن
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طيب الله انفاسك ولعن الله من اغضبك لله وفي الله وفي سبيل الله هذه شهادة حق اشهد لك بها انك غضبت لله فاكررلعني لمن اغضبك وطوبى لكم
قرات موضوعكم وحزنت كثيرا لان هذا الرجل طول عمره يستجدي على سفرة القران الكريم وياكل حقوق الامام عليه السلام ويحترك باعتباره معمم ولما اشتد ساعده كالوليد اخذ يمزق القران الكريم ويرمي صاحب الزمان ليل نهار فلعنة الله عليه حيا وميتا
عزيزي نبيل
تعلم اننا ينبغي ان لا نتعب انفسنا مع هؤلاء لان القران الكريم هو الحجة في البيان فكيف ترد الحجة القاطعة بجهل الجاهل بقواعد البلاغة وهل يضر الجبل ان نطحها ناطح غبي الا ان يكسر راس نفسه
نعم كما تفضلتم تبين جهله وفضح نفسه والحمد لله حيث قال ائمتنا عليهم السلام :
الحمد لله الذي جعل اعداءنا حمقا والسلام عليكم

• (4) - كتب : معجب بشخصكم ، في 2011/09/29 .

تبقى دوما مفكر رائع يا استاذ نبيل وباحث اصيل

• (5) - كتب : ابو حيدر ، في 2011/09/29 .

لابد من اقف لكم شاكرا وممتنا لما طرحتموه من نكات جميله

• (6) - كتب : السماوي ، في 2011/09/29 .

زادكم الله شرفا بالدفاع عن المذهب اخي الحبيب

• (7) - كتب : زائر ، في 2011/09/29 .

هكذا امور لا يكون مكانها مواقع الانترنيت....

• (8) - كتب : هاي هيه ، في 2011/09/29 .

ما اكول بس
قيم الركاع

• (9) - كتب : حمدان ، في 2011/09/29 .

لعنة الله عليه
هذه اول مرة اسمع بيه انا لله وانا اليه راجعون

• (10) - كتب : نار ، في 2011/09/29 .

لعنة على هاي الشكولات
هيه همين جانت عايزة احمد القبنجي
صاحب العين العوراء

• (11) - كتب : عراقي ، في 2011/09/29 .

التافه المسمى احمد القبانجي
قد الجم الحجر فعلا بفضل ردودكم اخي الحبيب

• (12) - كتب : اكرم ، في 2011/09/29 .

يخرج الخبيث من الطيب
واحمد القبنجي رمز كبير لما هو خبيث
سلسلة رائعة استاذ نبيل


• (13) - كتب : سهل الحمداني ، في 2011/09/28 .

تحية لك اخي نبل محمد حسن لقد حضرت لهذا الشخص محاضرة ، وعرفت انه هذا الشخص أنما هو لا يختلف ‘عن الحركات المعادية للاسلام ، وهو اعتقد لجهات معادية للمذهب الجعفري ، ولا داعي أون تكتب وترد عليه ، فهو مخالف للدين والاسلام وحياة البشر . ورجل يعمل لجهات معادية




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net